أصدر الكاتب في الثقافية د.سعود اليوسف كتابه (عروق الذهب: دراسة لجماليات النقد الأدبي)، وأصله أطروحة نال بها درجة الدكتوراه. تكمن طرافة هذا المنجز أن المعتاد أن تُدرس جمالياتُ الشعر أو الرواية ونحوهما، إلا أن اليوسف درس هنا الجماليات في لغة النقاد القدامى نفسها. أظهرت الدراسة أن الناقد ينتقي من ألفاظه ما يراه ملائماً من حيث الجمال، وأنه يتوسل بأساليب المعاني التي تمنح أفكاره الوضوح والجمال. وإضافة إلى هذا فقد كان التناص مظهراً من مظاهر الخطاب النقدي. وقد استعان الناقد بالصورة لإبراز آرائه، وكانت مصادر الصورة محدودة تقريباً، واستثمر الناقد أساليب التصوير وأنماطه كافةً، كما أن الاحتذاء بين الصور داخل الخطاب النقدي قد ظهر جليّاً، وذلك بأن تتشابه الصور النقدية. وعلى مستوى الإيقاع تبينت شدة عناية الناقد باختيار الألفاظ ذات الوقع الموسيقي الملائم، وشدة حفاوته بالمحسنات البديعية التي تخدم نصه النقدي. أما تداخل الخطاب النقدي مع الأجناس الأدبية الأخرى فقد وظفه الناقد بما يخدم خطابه، مُفيداً في ذلك من جماليات الأجناس الأدبية الأخرى، كالشعر، والخبر، والرسالة، والأمثال والحكم، والمقامة. وبدا أن لهذه الأدبية وظائف تتجلى في الوظيفة التعبيرية، حين يعبر الناقد عن شعوره تجاه العمل الأدبي، ووظيفة إبداعية يحاول من خلالها إظهار إبداعه، ووظيفة إقناعية يستثمر فيها كثيراً من الأساليب التي تهيئ المتلقي لقبول رأيه النقدي.