الوطن ليس شرطاً أن يكون أرضاً كبيرة.. فقد يكون مساحة صغيرة جداً، حدودها كتفين. - غسان كنفاني لجنودنا الواقفين على خط الحب الأول، خط الدم الأزكى، خط النار والبارود وحياض للموت للباغي لكم جميعاً كل الحب، أعرف أن رسالتي هذه ستصل متأخرة قليلاً وأنها ستصل وقد انفض العيد والحجيج عاد وعدنا نحن لحياتنا المكررة ولكن قسماً أنها كانت مكتوبة لكم منذ يوم العيد، لكن البريد لا يصل حسب الحب ولكن حسب المواعيد. واعرف أن أميركم الشاب الخلوق جداً محمد بن سلمان عايدكم، كان بينكم، صلى معكم، مازحكم وأخذ معكم الصور وما سعتم منه ما لم نسمع، ومن أجل هذا لا يهم إن وصلت رسالتي في حينها أو تأخرت قليلاً، فكل الذي أردنا أن نقوله قاله لكم هذا الأمير الذي كسر كل تلك الصور التي اعتدناها من المسؤولين بحرسهم وأخوايهم وعباءاتهم، وكان واحدا منكم وكان بحق عيدكم الجميل. وهذه الرسالة يا رجالنا البواسل ليست للتهنئة وإلا لسبقنا بها العيد ولا للمعايدة وإلا لكنا كتبناها بلغة الأزهار والحلوى وإضاءات العيد، لكنها للشكر لكل ما تفعلونه من أجلنا. ولقد بتنا بفضلكم نقول الشعر وننشد الشيلات ونرسم إشارات النصر ونلتقط صوراً للصواريخ وهي تُسقط في الجو وبتنا نعرف أنواع الطائرات المقاتلة من أصواتها ونعرف الذاهبة والعائدة من ميدان المعركه وبتنا لا نخاف الحرب ولا نهابها كما في السابق والأمهات ما عدن يندبن ويبكين أبناءهم ولكن أصبحن يزفون أبناءهم بالزغاريد، غدت عادة ورغم الحزن أن يخرج الشهيد نحو قبره في موكب من الزغاريد ودعاء الأمهات، وعرفنا بفضلكم معنى تضليل الإعلام المعادي وكيف يمكن الخداع بالصورة، وتأكد لنا المقولة الشائعة أن حبل الكذب صغير جدا جدا، وعرفنا ما هو أكثر، عرفنا أسماء مدن وقرى وجبالا وأودية لم نكن نعرف أنها على خارطة الوطن ورأينا كم هي شامخة هذه الجبال وجميلة هذه القرى والأودية، وعرفنا أي وطن شامخ جدا نمتلك وأن الزمن الكبرياء. وشكرا لكم يا أبطالنا وتاج رؤوسنا ولكل ما تفعلون بنا ومن أجلنا وكل عام وأنتم كل العيد.