لفت تقرير اقتصادي حديث أن قطاع التقنيات المالية لم يحقق حتى الآن معدل الانتشار المطلوب في دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يزال يواجه عقبات أمام تطوره. وبينما تسعى الحكومات الخليجية إلى التحول الرقمي لتحقيق تنمية أفضل في المنطقة، إلا أن الكثير من هذه المبادرات قد تعرقلت، ولم يشارك القطاع الخاص حتى الآن في هذه الجهود، كما أنه بالرغم من أن الاستثمار في قطاع التقنيات المالية يعتبر منخفضًا، ولكن من المتوقع أن يشهد ذلك تغيرًا في السنوات القادمة. كما أشار التقرير إلى أن الحكومات في الغرب تعمل على التسهيل من خلال وضع السياسات والأنظمة وتهيئة المناخ المناسب لتشجيع الابتكار، والاعتماد على القطاع الخاص لإيجاد حلول عصرية، غير أن الحكومات في دول مجلس التعاون تقوم بدور أكثر مركزية في رعاية الابتكار، حيث إن قوانينها وأنظمتها لا تزال غير مواكبة للتطورات في معظم القطاعات، مع تردد القطاع الخاص في المشاركة في هذه الجهود. ولكن على الرغم من كل ذلك، نرى بعض قصص النجاح، في نظم الدفع الإلكتروني CashU، إقراض شبكة النظراء Beehive، التمويل الجماعي Eureeca, Aflamnah, Durise، الخدمات المصرفية عبر الإنترنت / الهاتف النقال، والتداول الإلكتروني «الشركات الكبرى في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والتأمين» . وبحسب التقرير الصادر عن شركة مارمور مينا إنتليجنس التابعة للمركز المالي الكويتي «المركز»، فمع استحداث التقنيات المالية نشهد اليوم ظهور البنوك الرقمية، وابتعاد المصارف الجديدة عن نماذج الفروع المادية التقليدية وانتقالها بالكامل إلى تقديم الخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت فقط، وفي ظل تحول القطاع المصرفي الخليجي نحو الخدمات الرقمية والمصارف الرقمية فقط، من المتوقع أن يرتفع حجم العمليات عبر الإنترنت ليشكل نسبة أعلى بكثير من مجموع العمليات في المستقبل. وأوضح التقرير أن مصطلح التقنيات المالية يشير إلى استخدام التقنية، والتي تكون عادة تطبيقات برمجية أو منصات رقمية، لتقديم الخدمات المالية للعملاء، ويتم الحصول على هذه التقنيات عادة عبر الإنترنت بواسطة أجهزة كمبيوتر شخصية أو أجهزة نقالة. وقد أصبحت التقنيات المالية اليوم محور تركيز مؤسسات الخدمات المالية في جميع أنحاء العالم بسبب الاضطرابات في السوق الناتجة عن إلغاء نماذج الأعمال الحالية وإيجاد وسائل جديدة فعالة لتقديم الخدمات نفسها للعملاء. وقد أدى الابتكار إلى تعزيز نمو التقنيات المالية في دول العالم المتقدمة وجعل الأسواق والنظم أكثر كفاءة، بينما أدى في نفس الوقت إلى تحسين تجربة العملاء بشكل عام. وتنفرد الولاياتالمتحدة بما يقرب من 80 % من مجموع الاستثمارات في التقنيات المالية، بينما تشهد هذه التقنيات نموًا سريعًا في أوروبا وآسيا ومنطقة المحيط الهادئ وبقية دول العالم. وقد بلغت الاستثمارات العالمية الإجمالية في التقنيات المالية على مدى الفترة من 2009 إلى 2014 ما مجموعه 24.7 مليار دولار، بينما يقدر حجم الاستثمار في العام 2015 في هذه التقنيات بنحو 40 مليار دولار، أي بمعدل نمو على أساس سنوي بنسبة 228 %. وعلى صعيد منصات التمويل الجماعي في دول الخليج، نجد أنها قد شهدت نموًا في السنوات العشر الأخيرة وتوسعت خيارات جمع رؤوس الأموال. وقد أشار نجاح مختلف منصات التمويل الجماعي إلى الفجوة الكبيرة القائمة بين عرض وطلب رأس المال. ورغم أنه يمكن أن لا تحل منصات التمويل الجماعي محل مصادر التمويل التقليدية كالبنوك والشركات الخاصة ورأس المال الجريء، إلا أن التمويل الجماعي قد أتاح خيارًا آخر في المنطقة التي تواجه اليوم شحًا حادًا في السيولة. أما المجالات المحتملة الأخرى التي يرجح أن تتأثر بالتقنيات المالية وعلى الأخص من منظور دول الخليج، بين التقرير أنها التحويلات، والتأمين، والاستشارات الاستثمارية، والتداول عبر الإنترنت، مشيرا إلى أنه سيؤدي استحداث أسواق التأمين الرقمية إلى تجانس المخاطر وتغيير شامل في قنوات التوزيع التقليدية. ويمكن أن تدخل شركات التكنولوجيا إلى مجال توزيع خدمات التأمين والاستفادة من قدراتها الهائلة في جمع وتوزيع البيانات، حيث تتقاضى رسومًا ثابتة من شركات التأمين لقاء كل نقرة للعميل على الخدمة. وقد دخلت شركات التقنيات المالية الآن إلى مجال التحويلات المالية وأخذت تستبعد الوسطاء؛ وبالتالي أصبح بإمكان البنوك خفض التكاليف على مرسلي الحوالات. وفيما لم يعتمد قطاع الخدمات المصرفية والمالية، وهو القطاع الأكبر والأبرز في دول مجلس التعاون، التقنيات المالية حتى اليوم، إلا أنه من المتوقع أن يؤدي طلب المستهلكين في السنوات القادمة (ومعظمهم من الشباب) إلى تسريع اعتماد هذه التقنيات على جميع مستويات قطاع الخدمات المصرفية والمالية، والضغط بالتالي على هوامش أرباح الشركات التقليدية.