سُر جميع الرياضيين والمهتمين بالمشهد الرياضي من المبادرات ال 22 التي ستحقق رؤية الهيئة العامة للرياضة ورؤية الوطن حتى عام 2020 والتي ستكلف 7.5 مليار ريال، وستطول تلك المبادرات كل الافكار التي أُقرت في برنامج التحول الوطني وستلامس كذلك كل الشرائح الرياضية ومن له علاقة بالشأن الرياضي، وسبق في مقال قبل فترة قصيرة إيراد تلك المبادرات بشكل مختصر وتحتاج الكثير من الإعلاميين وأصحاب القلم الرياضي للتأكيد عليها والإقناع بها ودعم انطلاقتها بقناعة مجتمعية كاملة، والجميع ينتظر البدء في تحقيق تلك المبادرات ولهم رغبة صادقة أن يكونوا جزءاً مهماً في تحقيقها بأي شكل وفق إمكانياتهم وقدراتهم لأن المنفعة ستعود لهم في نهاية المطاف، ولا بد من الإسهام في جعلها واقعاً معاشاً، وثقة المسؤولين في الهيئة الرياضية أن مساهمة المجتمع في تحقيق المبادرات ودعمها والإيمان بها يعتبر قيمة مضافة لها لأنها ستنطلق بقوة وعزيمة وإصرار منهم وستعود إليهم في صورة تكاملية في الجهد والمنفعة. هذا المدخل يقودنا للاستغراب من عدم تضمين الطب الرياضي أي مبادرة من مبادرات التحول الوطني الرياضي وعدم وجوده ضمن إستراتيجية الهيئة العامة للرياضة وهو الأمر الذي لا يستقيم تحقيق المبادرات الرياضية إلا به وبالاهتمام الخاص بفاعليته، ولا يقبل كذلك أن نُدخله في التوجه الاستثماري دون الإشارة إليه صراحة كأحد أهم المبادرات التي يجب تحقيقها حتى وإن قلنا إنه لا يوجد إلا مستشفى واحد للطب الرياضي وهو مستشفى الأمير فيصل بن فهد، فهل سيكون مصيره التخصيص الكامل بواقعه الذي يحتاج وقفه دون أن تتدخل الهيئة في إدارته والإشراف عليه وتنظيم العلاقة التعاقدية بينه وبين الأندية والرياضيين، أو أن الهيئة ستديره وتؤجر خدماته في نفس الوقت وهذا يستلزم كذلك إعادة التأهيل له وسن ضوابط جديدة لتشغيله لكي يصبح بالفعل مستشفى للطب الرياضي. أو أنه سيبقى كما هو عليه والاستمرار فيما يعانيه من فقدان للهوية دون وضوح في أي الفئات يقدم خدماته وعدم التركيز على تحقيق الهدف من إنشائه. وبنظرة أكثر قرب من واقع المستشفى فإنه يحتاج إلى تحديث للتجهيزات الطبية والتقنية ووسائل التشخيص حتى يتمكن من أداء الرسالة الحقيقية له، كما يحتاج إلى التمكين من القيام بدوره العلاجي والتأهيلي وتطوير إمكانيات اللاعبين الرياضية التي أصبحت علم يدرس في التخصصات الطبية ومعه يمكن أن يسهم في تطوير المهارات الحركية والمهنية للاعبين والاستفادة مما وصلت إليه المشافي الرياضية العالمية في ذلك، ولعل تطور القطاع الطبي الخاص في مجال الطب الرياضي والإصابات والتأهيل البدني قد أخذ الحصة كاملة من المستشفى بالرغم من ظاهر الاهتمام والصرف المالي إلا أن الباطن لا يعكس الاهتمام بوضوح للمعنيين بهذا الشأن ولا الأندية واللاعبين وبقي المستشفى الوحيد وبقيت معه الذكرى الجميلة لمن أسسه ودعم انطلاقته ورعاه ولا يعلم أحد عن أسباب تجاهل الهيئة لهذا الصرح الطبي وعدم وجود فروع أخرى في المناطق الرئيسية الثلاث أو أنها قناعة بعدم إيجابية الطب الرياضي الحكومي في ظل وجود الخاص. ولنقرب الصورة للقارئ الكريم وبموضوعية صادقة فإن المستشفى يقدم خدماته للرياضيين الهواة وذويهم والرياضيين المحترفين وذويهم ورياضي المتعة البدنية والصحية الذين يمثلون بشكل أو بآخر تجمعا للأهل والأصدقاء، ومعهم منسوبي الرئاسة العامة لرعاية الشباب وذويهم والعاملين لديهم لأنهم يرون أن هذا المشفى أحد عطاءات الهيئة للموظفين ويمثل لهم التأمين الطبي الذي يُعتبر ميزة وظيفية لكل القطاعات العامة والخاصة التي تقدمه لمنسوبيها، وهذا الأمر جعل المستشفى عاماً وليس رياضياً وانشغلت عياداته المتنوعة وبكوادرها المتعاقدة بهذا الزخم الهائل من المراجعين على حساب الاهتمام بالعيادات التخصصية الرياضية وفقد المستشفى كما سبق هويته وهدفه في آن واحد، وهذه الأعداد الهائلة تأتي بسبب مجانية العلاج والوقت الذي تستغرقه في المستشفى لا شك أقل من الذي تستهلكه في مراجعة المستشفيات الحكومية الأخرى وهذا يستلزم العودة إلى صياغة سياسة علاجية للمستشفى تركز على الهدف من وجوده. ختاماً، الطب الرياضي المتقدم حول العالم هو الذي جعل عمر اللاعب يطول ومهارته تتجدد ويسلم من الإصابة أو مضاعفاتها ولا يقبل في مثل هذا الوطن أن يصرف الميزانيات الضخمة على كل المشاريع أن تكون العطاءات بهذا المستوى غير المقبول، كذلك ليس من المعقول أن تصدر إستراتيجية الهيئة العامة للرياضة دون خلق مبادرة تتعلق بالطب الرياضي سواء القائم أو المستقبلي ولا بد من إعادة النظر في ذلك، وأخيراً هل سيبقى هذا المستشفى عاماً ويخدم كل الفئات أو ستتغير النظرة له ويعاد إقرار سياسة تنظيمية للعلاج فيه، ولمن سيخصص في خدماته وتغليب مصلحة الرياضيين في الاهتمام بالعيادات التخصصية بدلاً من العيادات العامة للأنف والأذن والحنجرة والمسالك البولية والجهاز الهضمي، وإدارته الحالية تستحق الشكر على جهودها التطويرية ورغبتها في إرضاء كل الأطراف وتقدم أفضل الخدمات لهم ولكن ذلك يأتي وبكل تجرد على حساب التخصص الطبي الذي يجب أن يكون المستشفى عليه وخدماته الأساسية.