من الطبيعي أن نشاهد اليوم أسماء عائلية لعدد من الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية السعودية، ويبدو أن سبب ذلك مرده إلى أن تاريخ الشركات في المملكة منذ أكثر من 3 أو 4 عقود يشير إلى أن «الشركة التضامنية» كانت هي الشكل المفضل لدى ممارسي الأنشطة التجارية في المملكة لفترة زمنية طويلة، وما يتضمن ذلك من التدخل المباشر للعائلة في الإدارة وذكر الاسم العائلي صراحة للشريك أو الشركاء الرئيسين في الاسم التجاري قبل أن ينتقل الشكل المفضل بعد ذلك إلى «الشركة ذات المسؤولية المحدودة» ثم إلى «الشركة المساهمة المغلقة» حالياً. قد يكون الاسم العائلي في الاسم التجاري مقبولاً قبل أكثر من 30 - 40 سنة، لكنه بالطبع لن يكون مقبولاً في هذا الوقت مع فصل الملكية عن الإدارة ومع تحول الشركات إلى العمل المؤسسي بعيداً عن التدخلات ذات الطابع العائلي، وأنا هنا أتحدث عن الشركات العائلية التي تم تأسيسها قبل أكثر من 3 أو 4 عقود والتي تشكل اليوم أهم وأكبر الشركات المساهمة حتى أصبحت تشكل نسبة لا يستهان بها في الإدراجات الجديدة بالسوق المالية السعودية خلال العشر السنوات الأخيرة، وهذا بلا شك مظهر غير حضاري ناهيك عن أن بعض الأسماء العائلية قد فقدت تأثيرها السابق في نسب الملكية وفي إدارة هذه الشركات!! وحتى نفهم الآثار السلبية لوجود أسماء عائلية ضمن الأسماء التجارية للشركات فسأقدم لكم مثالاً بسيطاً يرتبط بشركة مجموعة المعجل، فجميعنا يعلم أن هذه الشركة المدرجة في السوق المالية تتعرض اليوم لمخاطر الإفلاس فيما صدرت مؤخراً أحكام ضد شخصين ينتسبون لعائلة المعجل بالسجن لمدة خمس سنوات مع التشهير بهم أمام الملأ، بسبب ارتكابهما مخالفات عند الاكتتاب العام على أسهم الشركة أدت لتضليل المساهمين بشأن قيمة الورقة المالية، لكن ما ذنب بقية أفراد عائلة المعجل الكريمة وأبناء عمومتهم الذين نكن لهم كل احترام وتقدير بسبب تشهير نظامي طال شخصين فقط منهم؟ وما ذنب عوائل كريمة أخرى تحمل نفس الاسم لا تربطها بهم صلة قرابة (وما أكثر ذلك في مجتمعنا)؟ قد يكون قائل ان ظاهرة الأسماء العائلية في الشركات المساهمة موجودة في جميع الأسواق المالية العالمية وهذا صحيح لكن ليست بالشكل المنفرد كما يحدث عندنا وليست بنفس النسبة، فالأسماء العائلية في الشركات المدرجة بالأسواق العالمية هي نتاج عمليات اندماج واستحواذ متعددة تمت منذ فترات زمنية بعيدة وهي تتجه للاضمحلال تدريجياً، كما أن نسبتها إلى بقية الشركات لا تقارن إطلاقاً مع نفس النسبة في سوقنا المالية ناهيك عن احتمال زيادة هذه النسبة لدينا مستقبلاً مع نية شركة تداول استهداف الشركات العائلية للإدراجات الجديدة، والأهم من ذلك أن وجود هذه الظاهرة السلبية في الأسواق العالمية لا يعني أبداً أنهم على حق دائماً.