فضحت الجرائم الإرهابية التي تعرضت لها مناطق مهمة في بغداد عاصمة العراق الحالة التي وصلت إليها الأوضاع الأمنية في العراق كافة، بعد أن سقطت البلاد جميعًا في فخ الاحتلال الفارسي الذي نصَّب عملاءه من قليلي الخبرة أو الذين لا يملكونها أصلاً إدارة البلاد. من ذلك تفجيرات الكرادة، واستهداف مخيم ليبرتي الذي يضم لاجئي مجاهدي خلق الإيرانيين، بخمسين صاروخًا. والمخيم يقع في المنطقة القريبة من مطار بغداد، ولا يبعد سوى خمسة كيلومترات عن منطقة عقرقوف التي أُطلقت منها الصواريخ. مجزرة الكرادة ومجزرة مخيم ليبرتي التي لم تقتصر على سكان المخيم، بل تجاوزته إلى قرية عراقية، نال سكانها من التدمير والقتل نفس ما ناله سكان مخيم اللاجئين الإيرانيين، تكشفان مدى عبث نظام ملالي إيران وعملاؤهم من المليشيات الإرهابية بأمن العراق، وفشل من يعمل على إدارته، الذين هم من قادة هذه المليشيات العميلة. مجزرة الكرادة فضحت تخبط المسؤولين عن إدارة الأمن في العراق؛ فوزير الداخلية الذي قدم للوزارة من منظمة بدر (المنظمة المليشياوية التي روعت أهالي بغداد) استقال، وحمّل المسؤولية لقيادة عمليات بغداد، وأن قائدها الفريق (عبد الأمير الشمري) هو المسؤول عن تلك المجزرة بعد أن فوضه حيدر العبادي بمسؤولية تأمين أمن بغداد، وأن رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة والشمري ينتميان لحزب الدعوة الذي لا يريد لوزير قادم من مليشيا أخرى أن تكون له القيادة الأمنية. المفاجأة الأكثر استفزازًا لمشاعر العراقيين، خاصة أبناء الكرادة وسكانها الذين هم من أهل الشيعة، هي الاتجاه إلى اتهام اثنتين من مليشيات الحشد الشعبي، هما (مليشيا أبو الفضل العباس، ومليشيا ما يسمى بأنصار الحق)، وكلتاهما مليشية تابعة للمخابرات الإيرانية، ومنضوية تحت لافتة الحشد الشعبي الذي جميع عناصره من أهل الشيعة؛ وهو ما يطرح سؤالاً يتداوله العراقيون، هو: ما الهدف من استهداف مليشيات شيعية منطقة الكرادة التي يسكنها شيعة بهذا النوع من التفجيرات، وبشاحنة لا يمكن أن تصل إلى منطقة الكرادة، وبحمولة من المواد الحارقة والشديدة التي دمرت وأحرقت طوابق مبنى مجمع الليث، والمواد التي كانت تحملها الشاحنة التي اجتازت كل نقاط التفتيش والسيطرات العسكرية لا توجد إلا في المخازن العسكرية لأمريكا وروسيا وباكستان وإيران التي حصلت عليها من باكستان؟! كيف دخلت المواد شديدة الاحتراق، التي تحرق الطوابق، وتدمر كل ما تم في الكرادة، إلى العراق أصلاً؟ ومَن ساعد مليشيات أبو الفضل العباس وأنصار الحق وحتى داعش التي (تطوعت) - حسبما يطلب منها ممن يستضيفون قادتهم - بأن تعلن مسؤوليتها عن تلك الجريمة النكراء؟! العراقيون يتساءلون، وبخاصة الشيعة منهم: مَنْ الذي أوصل تلك المواد الحارقة والقاتلة إلى الكرادة؟ وما هو دور من يديرون المنظومة الأمنية في العراق، الذين يسهرون على قتل العراقيين بدلاً من حمايتهم؟ أما ما حصل لمخيم ليبرتي فسيكون لنا حديث آخر عنه، يكشف المدى الخطير الذي وصل إليه عبث ملالي إيران بأمن العراق.