قد تكون السعادة في متناول أيدينا ونجهل أنها كذلك، وقد نقضي العمر نتحسر على حياتنا التي لم تظللها السعادة وتقيها شمس الشقاء ونعيش في حالة من البؤس والألم، فمنا من يظن أن السعادة الحقيقية في ما لا يمتلكه من مال أو جاه أو شهرة أن سعادتنا ربما كانت بذلك متناسين أن ميزان خالقنا جل وعلا ميزان دقيق عادل لا يبخس أحداً ولكن المشكلة الحقيقية في أنفسنا المتشائمة التي تنظر إلى النصف الفارغ من كأس الحياة الذي ربما لو نظرنا ذلك الفراغ بإيجابية أدركنا أننا بخير. صحيح أن المال والجاه والأولاد والأملاك مظهر مهم من مظاهر السعادة إلا أنها مجتمعة قد لا تحققها. إذاً ما هي السعادة، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس)، صدق رسول الله، فغنى النفس والقناعة واليقين هي السعادة المنشودة فبدونها لا راحة وإن كثر المال وتحققت مظاهر السعادة. يقول الشاعر الحطيئة: ويقول الشاعر أبو القاسم الشابي إن عدم وجود السعادة والسعي إلى تحقيقها هي السعادة: أما الشاعر عبد الله البردوني فأخذ المسألة من زاوية أخرى أكبر وأشمل وأعمق حيث اعتبر أن سعادة البشرية أجمعها كانت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورسالته العظيمة: ولأن لكل إنسان وجهة نظر خاصة وجانب يحس أن السعادة قد تكتمل من خلاله، يقول الشاعر الأمير خالد الفيصل: وأما الشاعر أحمد الناصر الشايع فيرى أنها حظ لا سبيل إلى تحقيقه بالبحث عنه وإجهاد النفس في سبيله: وقد ينقضي عمر المرء وهو في حالة غربة عن مكان سعادته كما قال الشاعر متعب التركي: وقد يكون لدى أحدنا أمل ما يتمنى تحققه كحال الشاعر خلف الكريّع: أما أنا فإنني أرى (أن السعادة هي النظر بعين العدل إلى ما نملك).