بينما كنت منسجما في الحديث مع بعض الإخوة بعد صلاة ظهر يوم السبت 28-8-1437ه إذا بهاتفي المحمول يهتز ثقلاً حاملاً نبأ رحيل زميل الدراسة - في أم المدارس - بدار التوحيد في الطائف عام 1371ه الشيخ الفاضل محمد بن عبدالله المانع مدير تعليم شقراء بمنطقة الوشم - سابقاً - فتأثرت وحزنت كثيراً على رحيله وبُعده عنا وعن أسرته ومحبيه، وقد أُديت صلاة الميت عليه بعد صلاة الظهر يوم الأحد الموافق 29-8-1437ه بجامع الملك خالد بأم الحمام في الرياض، ثم حُمل جثمانه الطاهر، وأُديت صلاة الميت عليه بعد صلاة العصر بجامع المهنا بشقراء - مهوى رأسه - بحضور جُموع من المصلين، ووري جثمانه بمقبرة شقراء العامة، داعين له بالمغفرة وطيب الإقامة في جدثه إلى أن يإذن الله لجميع الخلائق بالنهوض من أجداثهم ليوم الحساب، وقد طوح بي الخيال إلى تذكر أول لقاء به في مدينة الطائف - رحمه الله - وهو يسير متأبطاً بعض كتبه الدراسية للمذاكرة في هاتيك الأجواء الجميلة: في ميادين حي (قروى) مسارح ومتنزهات طلاب دار التوحيد لاستذكار دروسهم بعد صلاة العصر وفي الآصال حتى قُبيل غروب الشمس من كل يوم، وذلك بجوار سفح جبل (أم الأدم) المطل على بساتين المثناه الحافلة بما لذ وطاب من فواكهه يانعة في مواسمها، وقد تُسمع أصوات الحمائم تشدو بأصوات جميلة تُصغي لها الأذان وتَطرب الأنفس لها: ولقد خيم الحزن على أجواء محافظة شقراء بفقد أحد رجالها الكبار المخلصين الذي يُعد من أوائل رواد التعليم بالمملكة العربية السعودية، وكانت ولادته في مدينة شقراء 1355ه تقريباً وقد أنهى دراسته الابتدائية في أول مدرسة بها عام 1367ه، ثم شخص إلى مدينة الطائف فالتحق بمدرسة دار التوحيد حتى نال الشهادة الثانوية عام 1371ه، فواصل الدراسة بكلية الشريعة واللغة العربية بمكة المكرمة حتى حصل على الشهادة العالية عام 1375ه، بعد ذلك عين مديراً لثانوية عنيزة مع إشرافه على المدارس الابتدائية، وفي عام 1377ه صدر قرار بتعيينه مديراً لثانوية شقراء وفي مستهل عام 1379ه تقرر تأسيس إدارة للتعليم بمدينة شقراء، وأُصدر قرار بتعيينه مديراً لها، وفي عام 1386ه حصل على دورة لليونسكو لتدريب كبار رجال التعليم في العالم العربي لمدة عام في العاصمة اللبنانية - بيروت -، واستمر في أعماله محترماً بكل جد ونشاط حتى عام 1405ه حيث طلب الإحالة على التقاعد مبكراً تاركاً ذكراً حسناً وسمعة معطرة بالثناء: وكان لنا معه ذكريات جميلة أثناء الدراسة، وتزاحمه مع زملائه الأخيار على منبر النادي الأدبي بدار التوحيد، وآخر كلمة ألقاها الشيخ الفاضل أبو عبدالله عن حياة الشاعر البحتري وكان يُطَعِمُها بذكر أبيات من ديوانه نالت إعجاب الحضور، وبفصاحته وثبت جنانه بحسن الإلقاء، وكان يُقام في أواخر كل أسبوع يحضره معالي أمير الطائف الشيخ عبدالعزيز بن فهد بن معمر، ونائبه الأستاذ ناصر بن معمر، والشيخ محمد بن صالح بن سلطان وكيل وزارة الدفاع - آنذاك -، ومعالي الشيخ محمد سرور الصبان - تغمد الله الجميع بواسع رحمته - مختتماً هذا المقال بهذين البيتين لشاعر النيل حافظ إبراهيم: رحم الله الشيخ الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وأبناءه وإخوته وعقيلته أم عبدالله وبناتها، ومحبيه الصبر والسلوان.