أطلقت «آبل» في مؤتمرها الربيعي الماضي عدة منتجات من آيفون جديد بشاشة 4 انش إلى آيباد برو بحجم 9.7 انش، إضافة إلى عدد كبير من أحزمة ساعة آبل. بينما نقترب من الذكرى السنوية الخامسة على رحيل أحد أساطير العالم التكنولوجي ومؤسس شركة التفاحة المقضومة ستيف جوبز (رحل ب 5 أكتوبر 2011)، وبعد إنطلاق أول شرارات تراجع شركة آبل بعد إعلان انخفاض مبيعات الآيفون للمرة الأولى منذ اطلاقه، نجد أن آبل بدأت تبتعد شيئاً فشيئاً عن فلسفة وسياسة معلمها الأول. من المعروف أن ستيف جوبز كان يمتلك جينات استثنائية (أب سوري وأم أمريكية) ومجموعة من المواهب الفطرية والقدرات العقلية الفائقة مثل رؤيته المستقبلية وقدرته على انتخاب منتجات عادية وإعادة صقلها لتحويلها إلى منتجات سحرية قادرة على نيل الإعجاب وسلب الألباب. استقى ستيف جوبز فلسفته الخاصة المعتمدة على البساطة من تعاليم الزن (الديانة البوذية) حيث قضى جزء من حياته في تعلمها بالهند. كان جوبز يردد دائماً مقولة ليوناردوا دافنشي الشهيرة (البساطة هي جوهر الرقي «الجمال») حتى أنه طلب تضمين هذه الجملة الخالدة على أول كتاب للتعليمات والخاص بجهاز آبل تو (1977). بساطة جوبز هي التي دفعته إلى سرقة وتبني جهاز فأرة بزر واحد (1980) بدلاً من فأرة زيروكس ذات الثلاث أزرار، وهي التي دفعته إلى الغاء عدد كبير من الأجهزة التي تنتجها آبل من طابعات وكاميرات وخوادم عند عودته التاريخية لقيادتها في 1997 لتقتصر أعمالها على أربعة أجهزة فقط ما بين حواسيب مكتبية ومحمولة. بساطة ستيف جوبز تجلت بوضوح في رغبته في تبني تقنية اللمس المتعدد واستخدام الهاتف الذكي عبر لمسه بالأصابع خلافاً لتقنية Stylus أو القلم ولسان حاله يقول ما الحاجة إلى حمل قلم إضافي ونحن نحمل 10 أقلام (أصابع). لكن منذ رحيل جوبز، وآبل تبتعد عن هذه الفلسفات التي حولتها إلى أرقى وأغنى الشركات في العالم. بدءً من إطلاق الآيباد ميني بحجم 7.9 انش بعد عام على رحيل جوبز وهو الذي أنكر مراراً نية آبل إطلاق جهاز لوحي بهذا الحجم الصغير وسخر من الشركات التي تتبناه. مروراً بزيادة حجم شاشة الآيفون وإطلاق أكثر من نسخة منه ووصولاً لإطلاق ثلاثة أحجام مختلفة للآيباد، وانتهاءً بالمنتج الذي سخر ستيف جوبز لسنوات طويلة من رهان شركة مايكروسوفت وصديقه اللدود بيل جيتس عليه، Stylus أو القلم. في زمن جوبز، كان يوجد أيفون واحد وآيباد واحد، أما اليوم فيوجد 3 آيفون و4 آيباد وقلم آبل و3 ساعات و54 حزام. كان العالم يتبع آبل بقيادة ستيف جوبز، فأضحت اليوم تلهث جاهدة لتقليد شركات قوقل ومايكروسوفت وسامسونج تحت قيادة ابن كوك. هل سنشهد مزيداً من الابتعاد عن فلسفة ستيف جوبز بنفس القدر الذي سنشهد فيه تراجع عوائد آبل؟ أترك لكم وللزمن إجابة هذا السؤال.