(26) القراءة: فتوحات.. جيش التحرير فيها هو: الكتب.. والمدينة المحرّرة: عقلك.. والفُلول المقاوِمة: أوهامك وأوهامهم.. والنصر قريب.. النصر قريب.. (27) لن تبلغ «سن التمييز» قبل أن تمتلك القدرة على فرز الخيوط المتماثلة.. أن تُخرج من الشخص الواحد عشرة أشخاص.. أن ترى في خصمك شيئاً منك.. وقد يكون أجمل ما فيك! (28) في حومة المعركة قاتلْ بنُبل.. تأكّدْ أولاً من استعداد خصمك للمواجهة، قد تكتشف أن نبرة التحدي التي أغضبتك في كلامه هي في حقيقتها: تهدّج استغاثة! (29) أن تُعيد تفسير تصرفاته السابقة بناء على تصورك الجديد عنه.. فأيّ خيال؟ وأيّ تأويل!.. هنا المستقبل يُعيد إخراج الماضي.. كأنّ الحدث نفسه يقع مرتين! (30) أخطر الرحلات الجوية في إقلاعها، وهبوطها، ومطبّاتها (الهوائية) المتقلِّبة هي: رحلة الفكرة من رأس إلى رأس! (31) ليس هناك اختبار لمدى نبل النفوس أصدق من سوء الفهم المتبادل.. (32) بدأتُ أعتقد أن الناقد والمنقود شخص واحد! وأننا من خلال الآخرين إنما ننتقد أنفسنا على تصرف قمنا به، أو نخشى أن نقوم به.. كأنّ نقد الآخر هو أسلوبنا المفضَّل للتعايش مع رُعبنا المتجذِّر من الزمن المتقلِّب! (33) دعني أقول وبكل صراحة: لقد أحببتك أكثر.. حين اكتشفتُ بعض عيوبك! شيء ما في غاية الفتنة والإنسانية يكمن في بعض العيوب!.. (34) من لا يرى الجوهرة إلا إذا قيل له: إنها جوهرة، ومن لا يدرك حلاوة الثمرة إلا حين يستطيبها الآخرون، فهو لم يرَ ولم يُدرك.. هو لم يعرفك وإنما عرف الآخرين فيك! (35) في الحياة.. ليس الصعود وحده هو الجدير بالتسجيل.. النزول أيضاً رحلة.. وإن لجمرات الهبوط وأشواك المنحدر هيبة سماوية! (36) أصعب مهمة في التاريخ: قِطّة تشرب الماء.. هي لا تشربه، بل تستمر في تذوقه.. يخفق القلب لها، وحين يتأمل يخفق منها.. ذات الأرواح السبعة تعرف كيف تتذوق الحياة! (37) تحمل الأفكار المثالية بذور تدميرها الذاتي، وتتهيّأ للتشظِّي.. فور ملامستها لأرض الواقع! (38) رجاءً.. لا تضع (جرائدهم) أمام عينيّ.. إن حسّ القراءة عندي غرير أرعن.. سيقرؤها - وهو مغيظ - من (الكذبة) حتى (الكذبة)! (39) يقولون: (أصاب كبد الحقيقة).. يا إلهي!.. أيّ فتْك في هذا التصوير! حسبنا من «الحقيقة» أن نهجس بها، وأن نقضي عمرنا كله باحثين - في دأب - عنها! (40) وقد يسألونك: هل في الجنة تويتر؟!.. يا شياطين الاغتراب والتوحد.. ألا يكفيكم (مائة عام من العزلة) هنا؟ (41) لديه من الطفولة ما يكفي لارتكاب حماقات كثيرة، ولديه من الشجاعة ما يكفي للاعتذار عنها في كل مرة ببراءة يُحسَد عليها! وتسألني بعد هذا: لماذا يسحرك؟.. (42) بعد يوم طويل حافل بالأمر والنهي والوعد والوعيد يأوي الطفل المتعب إلى فراشه.. أتأمل وجهه الصغير تحت الضوء الخافت فأدرك كم أجرمتْ مثاليتي في براءته! (43) من قال: (إن القافلة تسير والكلاب تنبح)؟.. الواقع أن (القافلة) كثيراً ما تستفزّها الكلاب النابحة وتستثير غرائزها الكامنة.. وحدها الغيوم المهاجرة لا تحفل! (44) هذا الذي تصدّ عنه ربما يكون سؤالك المضمَر الذي تخشى مواجهته! والسؤال المضمَر: اختبار مؤجّل.. (45) ها هي الرقعة بيننا بكامل مربعاتها.. بإمكاني اللعب بألف طريقة، فبحوزتي الأحصنة والبيادق وقد تعلمتُ الكرّ والفرّ، وحِيَل المفاجأة، أنصحك.. لا تخفض سقف توقعاتك! (46) يقولون: (الشيطان يكمن في التفاصيل)، لكن هناك أشياء كثيرة رائعة تكمن فيها أيضاً: التمييز الواعي، والفرز المتمهل، والتأمل الهادئ، والحكم الرزين! (47) شيئاً فشيئاً يتبين لك أن كثيراً من الاختلافات (الفكرية) التي تصل أحياناً لحدّ الخصومة والتدابر ليست سوى تعبير غير مباشر عن الطبائع (النفسية) المتباينة بين البشر! (48) هل هناك تواطؤ بين ما نسميه: الصدفة، وحالتنا النفسية؟ كم من الأشواق تجسدتْ أمامك غِبّ خاطر ملِحّ.. كأنما انبعثتْ من مصباح علائي أو رماد فينيقي! (49) لماذا المستقبل لدينا دائماً يشعر بالذنب تجاه الماضي؟.. (50) المفارقة الغريبة: أنك أقدر ما تكون على الإيجاز حين تكون ممتلئاً بالمعاني.