ذكَّرتني عبارة: «أنصار الحسين ضد أنصار يزيد»، التي أطلقها - رئيس الحكومة العراقية - نوري المالكي عشية الهجوم على الأنبار، من أجل اعتقال - النائب السني في البرلمان - أحمد العلواني، والقيادي البارز في الاعتصامات المعارضة للحكومة في المحافظات السنية الست في العراق، والتي انتهت باعتقاله، وهو من ذوي الحصانة النيابية، وإعدام أخيه علي العلواني إعداماً ميدانياً، بحديثه - قبل أيام - في مدينة كربلاء، حين ذهب - قبل أيام -؛ للمشاركة في إحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، فرفع نبرة خطابه الطائفي ضد السنَّة، وحوّل المناسبة إلى كلمة كريهة مليئة بالتحريض، والتهديد، بالذي صمت دهراً، ونطق كفراً؛ لينفث من جديد سمومه الطائفية حتى النخاع، ويظهر مواقفه المتشنّجة في ضوء عملية سياسية فاشلة، تتعلَّق بأمور أمنية، وتهديد المعتصمين في الأنبار؛ بحجة ملاحقة قادة تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش الإرهابي، مع أن إقحام الجيش في فض هكذا اعتصامات ينذر بكارثة لا تحمد عقباها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، التأخير بالساحة العراقية أمام الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك عن طريق إزالة المرشحين السنّة - ذات الثقل الشعبي والحيوي -، وهذا - بلا شك - مؤشر على البدء بعملية حرب طائفية ضد أبناء العرب السنة. على المستوى السياسي، فبدلاً من أن يعالج المالكي فشله السلطوي، وتطرفه الطائفي، ويعمل على حماية شعبه، إذا به يكشف عن حقده الدفين ضد كل من يتبنى توجهاً غير ما يعتقد، مع تأكيد تام لطائفية حكومته، وانحيازها الكامل للمذهب الشيعي؛ من أجل خلط الأوراق، والتهرّب من مسؤولياته، - إضافة - إلى حماية المصالح الإيرانية، وتطبيق سياسة الولي الفقيه في العراق. فإيران هي من تتحكم بمفاتيح الوضع السياسي، والعمل على إرساء نظام طائفي في العراق. الظلم الذي يقع على أهل السنَّة في العراق، كان نتيجة الصمت الرهيب عن إدانة الفاعل الحقيقي، ومداهنة الجانب الأقوى، والكيل بمكيالين من قبل الهندسة الاحتلالية - ذاتها -، والذي استطاع أن يفكك ما تبقى من علائق رخوة بين مكونات الشعب العراقي. فالحرب الطائفية ضد أهل السنَّة في العراق، وتهميشهم، بدأت بعد الاحتلال الصليبي الأمريكي، وإطلاق الميليشيات الصفوية الإيرانية المسلحة؛ للسيطرة على مقاليد الحكم في العراق، الأمر الذي فضح ظلم الحكومة الطائفية، ودولة المكون الواحد. فطاغية بغداد يعمل بالنيابة عن سيده في طهران؛ ليجعل البلد مفككاً، وقد تقوده سياسته القذرة إلى التقسيم، دون أن يخدم تحقيق التوازن الوطني العراقي. التكرار في الأداء، يوجب رحيل المالكي عن السلطة؛ لأنه زاد العراق تعقيداً، عندما جعل المذهب فوق الإسلام، والطائفية فوق الأمة، وهو من قدَّم لإيران فروض الولاء، والطاعة، بعد أن كانت غاضبة منه؛ ليكون في المحصلة النهائية دكتاتوراً متسلطاً على رقاب العراقيين، ودمية تلعب بها العمائم الإيرانية. ثم إن الشعب العراقي - بكافة أطيافه - يرفض الطائفية، كونه اكتوى بنارها، ونال من القتل، والتصفية، والإبادة، والتهجير ما ناله، كما أنه يريد أن يكون واقعياً في إدارة علاقاته الدبلوماسية مع محيطه الخليجي، ويضع مستقبله كبلد موحَّد على المحك.