لأول مرة رأى الوشم على جبين جدته وعلى جنبات خديها.. ساقه الفضول ليسألها: لِمَ هذه الشذرات الملونة للأهلة والخطوط والرموز على وجهكِ؟ ومن أتقن لها هذا العمل على صفحته الذي كثرت فيه تغضنات الزمن، وغزته تجاعيد الشيخوخة؟! لم تجد بداً من أن تجيبه على سؤاله: لأبدو جميلة يا بني.. وكأنها لا تعلم طاقة الأسئلة التي تداعت إليه بسؤال بكر ومحير: وما الجمال يا جدتي؟؟ لم تحر في البحث عن إجابة لفواتح وخواتيم أسئلة حفيدها بودٍ وأمومة.. فبعد أعوام غابت الأسئلة والإجابات، ومعها الجدة ووشمها.. فلم يبق سوى الذكرى. ما أيقظ تلك الصورة القديمة لوشم الجدة العجوز أنه رأى اليوم وشماً ملوناً يطرز عضلة ما في جسد هذا الشاب اليافع الذي يرى أنه زاد على وشام جدته بأن زينه بأجهزة طبية جديدة. تتقن فن الوشم واللعب على ملامح معتقة. غرز الفتى نصل سؤال في خاصرة المشهد: يا ترى حينما يشيخ هذا الشاب ماذا سيفعل الوشم؟! وما مصير تلك الأحلام التي خلّدها هذا الوشم؟ وأضاف وهو يتأمل: وهل سينمحي مع موجات الزمن؟ أم سيظل صامداً كوشم جدتي؟