صار بوسع المستهلك السعودي أن يحصل على بعض حقوقه في السنوات الأخيرة بفضل الجهد الذي تبذله وزارة التجارة، وهو جهد يتزايد ونأمل أن يصل في القريب العاجل إلى المستويات التي نراها في الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة وبلدان غرب أوروبا واليابان. ففي البلدان الغربية المتقدمة تتفادى الشركات التجارية غش المستهلك لأنها تعلم أن جمعيات وهيئات حماية المستهلك ستكون لها بالمرصاد وتعلم أن تلك الجمعيات والهيئات تملك من الإمكانات القانونية والإدارية والفنية ما يجعلها قادرة على انتزاع حقوق المستهلك. هذا لا يعني أن الشركات التجارية لا تغش المستهلك، فهي تفعل ذلك إذا اعتقدت أن بوسعها الالتفاف على القوانين والنفاذ من خلال ثغراتها، ولذلك فإن العلاقة بين الشركات وجمعيات حقوق المستهلك تكون أحياناً أشبه بلعبة القط والفأر. وقد استطاعت الشركات أن تنمي خبرات قانونية تحاول أن تحتمي بها من الأنظمة التي تحمي المستهلك. إن شركة عملاقة مثل «جونسون أند جونسون» التي تغطي منتجاتها قائمة طويلة جداً من السلع التي يستخدمها المستهلكون في كل مكان في العالم لم تستطع أن تتفادى شكوى تقدمت بها امرأة متضررة من استخدام أحد منتجات الشركة. فقد أمرت هيئة محلفين في ولاية ميزوري الأمريكية شركة «جونسون أند جونسون» بتعويض تلك المرأة المتضررة بمبلغ خمسة وخمسين مليون دولار لأنها أصيبت بمرض السرطان من جراء استخدام «بودرة» من إنتاج الشركة. وبالرغم من أن «جونسون أند جونسون» تنوي الطعن في الحكم، فإن من المعتقد أنها ستخسر الدعوى. كما أن هذه القضية ليست إلا واحدة من مئات القضايا التي تتعلق بذلك المنتج، فضلاً عن المنتجات الأخرى. والسؤال الذي أود طرحه على وزارة التجارة وعلى أي جهة تدافع عن حقوق المستهلكين في المملكة: هل ذلك المنتج أو غيره من منتجات جونسون أند جونسون أو الشركات الأخرى التي تقام ضدها دعاوى في محاكم البلدان المتقدمة تحظى منها بالمتابعة الفنية والقانونية من أجل حماية المستهلك في بلادنا؟ صحيح أن المنتجات المطروحة في أسواقنا كثيرة جداً، وربما بما يفوق الإمكانات الفنية والقانونية والإدارية الحالية لدينا، ولكن على الأقل متابعة المنتجات التي يثور حولها الجدل أو الدعاوى في المحاكم الأجنبية. مع التقدير لجهود وزارة التجارة وأي جهة أخرى تنجح في حماية المستهلك.