تتناقل وسائل إعلام غربية، منذ أعوام، دراسات وتحذيرات من خطورة «بودرة التالك» التي تستخدمها الأمهات بشكل يومي دون أن يدركن خطورتها، ومعها منتجات أخرى تستخدم للأطفال ك«شامبو جونسون»، فيما أظهرت دراسات أن تركيب «بودرة التالك» مشابه لمادة «الأسبستوس» التي قد تسبب السرطان، بحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وأواخر الشهر الماضي، أجبرت هيئة محلفين في ولاية ميسوري الأمريكية، شركة «جونسون آند جونسون» العالمية، على دفع 72 مليون دولار كغرامة وتعويض، لتسبب منتجاتها في وفاة امرأة بسرطان المبيض. ووفقا لمحامي عائلة المرأة المتوفاة وسجلات محكمة دائرة سانت لويس، فقد صدر يوم الاثنين (22 فبراير) قرار قضائي يرغم الشركة على دفع 10 ملايين دولار لعائلة جاكلين فوكس كتعويض للأضرار المادية و62 مليون دولار كتعويض معنوي. وجاء الحكم بسبب وفاة المرأة بسرطان المبيض في أكتوبر الماضي عن عمر يناهز 62 عاما، بعد استخدامها بودرة الأطفال «تالك»، وجل الاستحمام «شوير أند شوير» لأكثر من 35 عاما. وتواجه شركة «جونسون آند جونسون» اتهامات بعدم تحذيرها المستهلكين من احتمال وجود مواد مسرطنة في بودرة «التالك»، بهدف زيادة مبيعاتها. وتسلمت محكمة ولاية ميسوري 1000 شكوى مشابهة في الولاية، و200 حالة أخرى في ولاية نيو جيرسي. وقال محامي العائلة جيري بيسلي للصحفيين: «إن شركة جونسون آند جونسون عرضت حياة الناس للخطر، ولجأت للكذب عليهم وعلى الهيئات التنظيمية لتحقيق الربح». من جهتها، قالت كارول غوودريتش المتحدثة باسم شركة جونسون آند جونسون: «لا نتحمل مسؤولية ما حدث، بالطبع نشعر بخيبة أمل من قرار المحكمة، ونحن نتعاطف مع عائلة الضحية، ولكن نؤمن إيمانا راسخا بأن بودرة التالك خالية من أي مواد مسرطنة». وفي أكتوبر 2013، وجدت هيئة محلفين في ولاية ساوث داكوتا أن استخدام سيدة تدعى دين بيرغ منتجات بودرة الجسم جونسون آند جونسون كان عاملا في إصابتها بسرطان المبيض، ومع ذلك، لم يتم منحها أي تعويضات. وجاء حكم هيئة محلفين في ولاية ميسوري الأمريكية، بعد أعوام من الجدل حول ما إذا كانت بعض منتجات «جونسون» تسبب مرض السرطان، حيث كتبت العديد من الصحف عن خطر منتجات الشركة، ومنها صحيفة «ذا نيشين» الباكستانية التي نشرت في سبتمبر الماضي مادة عنونتها ب«منتجات يستخدمها أطفالنا تحتوي على مواد تسبب السرطان»، مشيرة إلى وجود دراسة تثبت ذلك. وفي نوفمبر 2011، قالت شبكة «سي بي إس نيوز» الأمريكية إن ما يسمى ب«التحالف الدولي للمنظمات الصحية والبيئية» طالب بمقاطعة بعض منتجات شركة «جونسون آند جونسون» حتى إزالة بعض المواد المسببة للسرطان من منتجاتها التي تباع حول العالم، فيما ردت الشركة حينها أنه يجري (حاليا) التخلص من تلك المواد بشكل تدريجي. كما ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» أن حملة «من أجل مستحضرات تجميل آمنة»، فشلت في إقناع الشركة بإزالة المواد المسببة للسرطان من شامبو الأطفال، رغم محاولاتها التي استمرت لأكثر من عامين ونصف العام. ويقوم على حملة «من أجل مستحضرات تجميل آمنة» مجموعات مختلفة الاهتمامات، منها البيئية والدينية والصحية والتعليمية، وغيرها. «عكاظ» عرضت المعلومات السابقة على ثلاث جهات حكومية بالسعودية تعنى بحماية المواطن من المنتجات الضارة، وهي وزارة التجارة، وهيئة الغذاء والدواء، وجمعية حماية المستهلك، غير أنها لم تجد أي رد من «التجارة» و«حماية المستهلك» رغم الوعود المتتالية التي استمرت لأكثر من أسبوع، وتواصلت الصحيفة مع المتحدث باسم التجارة، ومشرف العلاقات العامة والإعلام في جمعية حماية المستهلك، حيث وعدا بالرد مرات عدة، غير أنهما أهملا الرد، دون الالتفات لأهمية القضية التي تمس صحة المواطن بشكل مباشر. من جانبها، تفاعلت الهيئة العامة للغذاء والدواء مع الأسئلة التي طرحتها الصحيفة، وقالت فيها: منذ أعوام تتناقل صحف ومواقع في عدة دول تقارير حول أن منتجات جونسون (خاصة البودرة والشامبو) تسبب السرطان، وقبل أيام غرمت محكمة أمريكية، الشركة، 72 مليون دولار بعد وفاة امرأة تستخدم بعض منتجات جونسون بسبب السرطان، والسؤال هو: ما هو دور هيئة «الغذاء والدواء» في هذه القضية، وهل سعت للتأكد من سلامة منتجات جونسون بالسعودية من المواد المسرطنة، خصوصا أن اتهام منتجات جونسون ليس بجديد؟. وقال المدير التنفيذي لسلامة مستحضرات التجميل الدكتور سامي الصقر ل«عكاظ»: تتحقق الهيئة بشكل دوري من سلامة المنتجات، وذلك بسحب عينات من المنتجات في الأسواق المحلية بمختلف مناطق المملكة، وفقا لمعايير تحددها الهيئة بناء على مدى خطورة المنتجات على المستهلكين، إضافة إلى متابعة ما يصدر من سحب وتحذيرات لمنتجات التجميل في الهيئات الرقابية الدولية، وما يردها من بلاغات لشكاوى المستهلكين. وأضاف الصقر: فيما يخص منتجات شركة «جونسون آند جونسون» من بودرة التالك، فإن هذه المادة لا تصنف ضمن المواد المسرطنة حسب جمعية السرطان الأمريكية، بينما تصنفها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية ضمن فئة المواد المصنفة تحت الفئة (2B) وهي المواد المحتمل تسببها في السرطان، وذلك لعدم وجود دراسات كافية تثبت العلاقة بين هذه المادة والسرطان في الإنسان (هناك الكثير من المواد التي يستخدمها المستهلك مصنفة ضمن هذه الفئة، ولكن لا يوجد إثبات علمي يربط بينها وبين السرطان مثل القهوة والصبار)، ولذلك فإن التنظيمات الدولية (الأوروبية على سبيل المثال) تسمح بتسويق هذه المنتجات. إلا أن بعض هذه المنتجات قد تكون مسرطنة إذا احتوت على مادة الأسبستوس التي تؤكد كثير من الدراسات وجود ارتباط بينها وبين السرطان، ولذلك فإن هذه المادة محظورة في منتجات التجميل حسب المواصفات القياسية لمنتجات التجميل المعتمدة في المملكة، وقامت الهيئة ضمن خطتها في متابعة منتجات التجميل بعد التسويق للتحقق من مطابقتها للمواصفات بسحب عينات من هذه المنتجات وأثبتت التحاليل خلوها من هذه المادة. وبالنسبة لمنتجات الشركة من شامبو الشعر، فإنه سبق التحقق من سلامتها ومطابقتها للمواصفات، وأثبتت التحاليل أن المواد المقيدة في هذه المنتجات ضمن الحدود المسموح بها، علما بأن الشركة استبدلت خلال السنوات الماضية بعض المواد المقيدة بمواد أخرى أكثر أمانا. كما أن لدى شركة جونسون آند جونسون العديد من المنتجات المدرجة في النظام الإلكتروني لإدراج منتجات التجميل «Ecosma»، حسب خطة الإدراج الإلزامية لمنتجات التجميل، ويهدف هذا النظام إلى بناء قاعدة بيانات إلكترونية لجميع منتجات التجميل لربط هذه المنتجات بمصنعيها ومستورديها ليكون لدى الهيئة قاعدة بيانات متكاملة عن كل منتج يمكن من خلالها الوصول إلى المستورد أو المصنع.