أكد اقتصاديون في حديث ل«الجزيرة»، أن إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - عن إنشاء جسر يربط السعودية بمصر وإنشاء منطقة حرة إضافة إلى ميناء دولي يؤكد حرص الملك سلمان على تعزيز العلاقات العربية، وتحقيق الأمن القومي من خلال دعم التنمية والاستثمار في المشاريع الإستراتيجية التي تعزز الشراكة وتوثقها، كما يؤكد أن السعودية تمد يدها دائماً للدول العربية وفق رؤية قومية تحقق الأمن والاستقرار والتنمية في آن. كما رأوا أن المنطقة الحرة ستكون العين الاقتصادية التي سينظر بها العالم كونها منطقة إستراتيجية تربط بين أفريقيا وآسيا، إلى جانب أن إنشاء هذه المنطقة الحرة ستوفر فرص العمل لأبناء سيناء وتعزز نفاذ الصادرات السعودية إلى العالم. أمام ذلك، أكد الاقتصادي فضل سعد البوعينين أن تقديم حزمة الدعم السعودية لمصر وفق رؤية استثمارية تنموية إستراتيجية ستسهم في تحقيق المنفعة للبلدين في آن، وستفتح آفاق الاستثمار أمام القطاع الخاص الذي سيكون له الدور الأكبر في التنمية، إضافة إلى ما سيحققه من ترسيخ أكبر للأمن القومي. وقال: لم يكن مستغرباً اعتراض بعض الأحزاب المتطرفة على اتفاقيات الشراكة السعودية المصرية، وإنشاء جسر الملك سلمان، وتنمية سيناء، وتعيين الحدود البحرية بين البلدين، فالتنمية الاقتصادية سيف مسلط على رقاب الجماعات الإرهابية والأحزاب المتطرفة التي تنمو في المجتمعات الفقيرة تنمويا، فيصبح شبابها صيداً سهلاً وفريسة لجماعات الإرهاب. وتابع: أصبحت سيناء، ولأسباب تنموية صرفة، بيئة حاضنة للجماعات المتطرفة التي تستهدف المنطقة العربية لا مصر فحسب، تنمية سيناء ستسهم في وقف مد الجماعات المتطرفة من خلال المشاريع النوعية القادرة على توفير العيش الكريم ما قد يسهم في الحد من قدرة جماعات الإرهاب في استهداف أمن مصر والدول العربية الأخرى. وبعيداً عن الإستراتيجيات الأمنية والسياسية المحققة للأمن القومي، أضاف البوعينين أجزم أن إنشاء جسر الملك سلمان وإنشاء منطقة حرة إضافة إلى ميناء دولي سيسهم بشكل فاعل في تنمية «سيناء» وتوفير الفرص الاستثمارية والوظيفية لسكانها، إلى جانب ما ستحققه من عوائد مالية لمصر والمستثمرين. ولفت البوعينين إلى أنه يمكن النظر لمشروع الجسر البري الذي سيربط السعودية بمصر وبالتالي آسيا بإفريقيا من جوانب مختلفة، ومنها الجانب الإستراتيجي الذي يقوم على ربط الدول العربية بعضها ببعض، وتوثيق العلاقات الإستراتيجية، ودعم الشراكات بينها وبما يسهم في تحقيق الأهداف التنموية المختلفة. من جهته، أكد الدكتور عبدالله المغلوث عضو مجلس الأعمال السعودي المصري أهمية إنشاء منطقة التجارة الحرة في جزيرة سيناء، وأنها تعد نقلة نوعية في قوة العلاقات السعودية المصرية وما نتج عن تلك العلاقة في إنشاء تلك المنطقة الحرة، حيث تمكن هذه المنطقة من جلب الصناعات التحويلية وغيرها من الصين وشرق آسيا ودول العالم وإعادة تصدير بعضها إلى دول أخرى مثل أفريقيا ودول أوروبا وأمريكا الاتينية، وبالعكس كذلك فرصة لدول الخليج لتصدير منتجاتها لتلك الدول. وأضاف المغلوث إنه لا يخفى على الجميع أن أي منطقة حرة تنشأ تكون معفية من الضرائب والرسوم، وبالتالي ستشجع المستثمرين الأجانب والسعوديين والمصريين على بناء مصانع واستيراد وتصدير منتجاتهم، والأهم من ذلك أن مصر تمتلك قوة بشرية يمكن توظيفها وفتح فرص وظيفية للعمل في هذه المنطقة الحرة، موضحاً أن تنمية شبه جزيرة سيناء وتطويرها اقتصاديا وتجاريا والسماح لأبنائها بالانخراط بالعمل سيسهم في القضاء على بور الإرهاب في هذه المنطقة. من جهته قال الاقتصادي أحمد الشهري إن الاقتصاديات العالمية تتجه نحو تكتلات اقتصادية ثنائية أو إقليمية، والمملكة ومصر تعملان بمفهوم جديد في التجارة البينية من خلال الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر جسر الملك سلمان، مشيرا إلى أن المنافع الاقتصادية بين البلدين على المدى القصير ستكون مشجعة على أن يصبح البلدان منطقة عبور للتجارة بين القارتين - ولا سيما أن هنالك مشاريع خليجية طموحة من خلال الربط البيني لشبكات النقل والقطارات. وأضاف: جاذبية الصادرات بين الدول تقل مع زيادة المسافة، وتأسيس منطقة تجارية حرة في جزيرة سيناء وربط البلدين بجسر بري عبر البحر يؤدي إلى رفع الجاذبية الاستثمارية بين البلدين، وتشجع على الإنتاج وتبادل عناصر قوى العمل بين البلدين بناءا على الميزة النسبية للمملكة ومصر، حيث بلغت الصادرات السعودية لمصر 14 مليار ريال في مقابل 8 مليار ريال واردات من مصر، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 23 مليار ريال؛ ومع تأسيس جسر الملك سلمان قد يتضاعف التبادل التجاري لمستويات قياسية وغير مسبوقة. بدوره قال المستشار المالي الدكتور عبدالله باعشن، إن التخطيط الاستراتيجي للمناطق الحرة يأخذ بعين الاعتبار الموقع وسهولة التواصل والعوامل الاقتصادية والبنية التحتية التي يتوقف عليها عائد الموارد الموجهة، مضيفاً بأن جزيرة سيناء من المناطق المتميزة جغرافيا وذات كثافة سكانية، والتي تدعم توافر الموارد البشرية، كما أنها اصبحت واجهة سياحية لمصر. كما أكد الدكتور باعشن أن جسر الملك سلمان الرابط بين المملكة ومصر والمزمع إنشائه سيضيف طاقة في حركة التبادل التجاري للسلع والخدمات، هذا إلى جانب منطقة التجارة الحرة التي ستقام في سيناء وما لها من انعكاسات إيجابية لكلا البلدين، وخدمة أهدافهما الاستثمارية والتنموية.