يعتبر المفكر الأمريكي، نعوم تشومسكي، أبرز المفكرين على قيد الحياة، وأحد أبرز المفكرين في التاريخ الإنساني كله، فهو ثالث من يستشهد بأقوالهم، وغني عن القول إنه، ورغم كل ذلك، محاصر، ونادراً ما يستضيفه الإعلام الغربي، وذلك لمواقفه من النظام السياسي العالمي، ومن النظام السياسي الأمريكي، وإسرائيل، على وجه الخصوص، ولذلك فمعظم اطروحاته تقام للنخب، في الأقسام الأكاديمية في الجامعات، وسبق أن تحدث هو عن هذا الحصار، ومن المسلم به أن وسائل الإعلام الغربية تحتفي، بل وتبالغ في إبراز من تتوافق رؤاهم مع رؤى النخب السياسية الغربية، مهما كان مستواهم الفكري رديئاً وانتهازياً، مثل سيئ الذكر، فؤاد عجمي، وغيره ممن نفخ فيهم الإعلام الغربي طويلاً، وتحارب، وبلا هوادة، معظم المفكرين الحقيقيين، مثل تشومسكي، والذي تحدث مؤخراً عن خطر ظاهرة الاحتباس الحراري، وموقف الجمهوريين منها، وعن الصراعات العالمية، وعودة التوتر بين الغرب والشرق. تشومسكي قال في حديثه لصحيفة ال «مانيفستو» الإيطالية، والذي ترجمه موقع ساسه بوست، إن :» الجنس البشري يواجه تحديا غير مسبوق في تاريخ البشرية، وأن العالم يقف على مفترق طرق لم نشهده من قبل، وعلينا أن نقرر ما إذا كنا نرغب في إنقاذ البشرية ونحافظ عليها كما عرفناها، أم أننا سنخلق دماراً شديداً لا يمكن تصوره «، وهو هنا يتحدث عن ظاهرة الاحتباس الحراري، والتي يقف منها الجمهوريون موقفا سلبيا، رغم مخاطرها الشديدة، حسب معظم الدراسات العلمية، كما تحدث عن التوترات الإستراتيجية المتصاعدة بين المعسكرين، الشرقي والغربي، وهنا يؤكد تشومسكي على مقولة جورج كينان من أن الرادع النووي قد يقضي على الجنس البشري، لأن الأحداث قد تنفجر في أي لحظة، في هذا العالم المتوتر في كل جزء منه، وفي ظل الصراعات الحالية المتصاعدة، واستشهد تشومسكي بمقولة المفكر البرت اينشتاين، والذي قال، عندما سئل عن ماهية الأسلحة التي ستستخدم بعد السلاح النووي، فقال: «الفأس الحجري»!. تشومسكي علَّق على الانتخابات الأمريكية، وتنبأ بأننا قد نشهد كوارث حقيقية مستقبلاً، فيما لو وصل أي من المتنافسين الجمهوريين للرئاسة، ومن ذلك استمرار تجاهل ظاهرة الاحتباس الحراري، وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وعودة المغامرات العسكرية، والتصرف بعدوانية تجاه دول العالم، وهو ما قد يتسبب بحرب عالمية، وفناء الجنس البشري، ومع أن تشومسكي، كمفكر يساري، يجنح للسلم، كعادة اليسار، ويتهم أنه يبالغ قليلاً في قراءاته التشاؤمية، إلا أن الأمر مختلف هذه المرة، فصعود اليمين المتطرف في أوروبا، والصعود الصاروخي الحالي للمرشح الجمهوري اليميني، دونالد ترمب، إضافة إلى عودة روسيا إلى المسرح السياسي والعسكري العالمي، وبقوة، وصعود موجات الإرهاب، وتوسع دائرته الجغرافية، كلها أحداث تشير إلى أننا قد نكون، حقا، في مواجهة مستقبل مجهول، لا يمكن التنبؤ بتداعياته، فلننتظر كيف ينجلي الأمر!.