في معجم المعاني الجامع تعريف مبسط للازدواجية وهي: الظهور بمظهرين. وعند علماء النفس توسّع لسبر أغوار هذا المصطلح فتُعرف الازدواجية الشخصية بأنها: انشطار وعي الشخصية للفرد إلى جزئين يعيشهما الفرد بأوقات مختلفة وبالتوالي، شخصيتان أحدهما تظهر والأخرى تكون مضمرة، وحكم فقدان الذاكرة لإحدى الشخصيتين وارد لأنه بفقدان الذاكرة بإحداهما تظهر الأخرى. أما في ميزان اللغة الإنسانية يتضح أن المعنى الحقيقي للازدواجية لغة:التلون، واصطلاحاً: الظهور تارة في صورة ملاك مناضل، وتارة على صورة شيطان مصفد بالصمت حيناً وبالعبث والسخرية من الآخر حينًا أخرى. هذه الصور تعددت وجوهها ووجودها، وزادت على الإنسانية ضراوة مفاسدها، وفي كل يوم لنا صفعة أقسى من سابقتها فالمثقف والحقوقي الذي لا ينفك عن اتهامه للمجتمع بالازدواجية يمارسها اليوم دون أن يخجل أو يتحرك ضميره ويستثار، وكأن لسان حاله أنا ابن مجتمعي الذي يرقص على أنغام التناقضات، وتقتات سلطته على معاييرها المختلطة. نصف المثقف - وهذا هو المصطلح المناسب - صاحب الازدواجية يطالب من الوطن تقديره وهو لا يقدر المجتمع، ويُعنى بالحقوق التي تتناسب مع أفكاره وترضخ لمعتقداته أما حقوق غيره أو من يخالفه لا يهتم بها ولا يسعى إلى تحقيقها بل قد يقف دون حصول صاحب الحق على حقه!. ولعل حق الوعي والثقافة حق للجميع لكنّ في مثقفينا من يريد الاستئثار بالوعي ليكون ملكه وحده ونهج خاص به دون سواه وهذا العينة برزت في مواقع التواصل الاجتماعي، بل مواقع التواصل الاجتماعي هي التي سلطت الضوء على هذا الخلل. ففيها انبرى أنصاف المثقفين لا يريدون لك إلّا القاع فليس لك حق في إبداء رأيك أو جدال من هو فوق ثقافتك!. فأنت عنده مجرد تابع دورك يتمحور في صنع وسم على شكل «هل تتزوج بطبيبة» «هل المرأة إنسان» ودوره نهر ضحالتك والاشمئزاز من نمط حياتك الهامشية - ليظهر أنه الأفضل والأعلم - وهذا هو نفس الدور الذي يلعبه عليه بعض المثقفين العرب الذين لا يرون من السعودي إلا ناطحة سحاب وحساب في البنك ودور ثقافي لا يصلح للريادة. عزيزي السعودي: دور المثقف الحقيقي صناعة الثقافة وبناء الإنسان ودورك لتصبح مثله ومنافسًا له التزود بالمعرفة وشحن همتك بنهم المعارف والعلوم لتعرف ماذا يُراد منك تجاه نفسك ووطنك. ليس المطلوب منك أن تكون ضليعًا في كل علم وفن يكفي أن تكون على إلمام بفن واحد أو علم، وقارئ فيما يستهويك من بقية العلوم. أما أنت أيها المدعو المثقف عليك أن تعرف أن جاهل اليوم ربان الثقافة غداً متى أحسن الاستعداد.. ومستظرف اليوم بعد غد قد يكون حامل لواء الرأي في السلم والحرب متى ما تم تهيأته للريادة .نصيحة: لا تجعل من نفسك وثنًا، على من هو دونك أن يدور حولك ويطلب بركتك، فلا القبو الذي تقبع فيه في الجريدة ولا أتباعك لهم القدرة على الترويج لك مالم يراك المجتمع مسوقًا جيدًا للثقافة والوعي، مناضلًا في تنوير عقول من هو دونك ليشغل حيزًا في مجال الثقافة والوعي.