لا أعتقد أن بريدي الإلكتروني هو الوحيد الذي يستقبل يوميا رسائل الشكوى من المتضررين الذي يطلق على أحدهم تلميحا «موظف سابق»، إن راعينا في ذلك أدبياتنا الاجتماعية، وإن كانت تلك الأدبيات تفتش عن المصطلحات المهدئة أمام اعتراف الواقع العمالي بأن إنهاء خدمات الموظف وفق تسوية بين الطرفين أمر يندر، و«فصل» الموظف أمر يكثر. الحقيقة الواضحة أن المجتمع بأفراده يعاني من نقص أو تغييب أو ضحالة الثقافة الحقوقية، ويبرز ذلك في وعي منسوبي القطاعات الخاصة بحقوقهم الوظيفية التي نص عليها نظام العمل والعمال، وفي المقابل، تطويع القطاعات لأنظمتها لتتناغم مع النظام، فضلا عن غياب الترشيد الإعلامي لوزارة العمل في توعية المعنيين بهذا الشأن، التي لم تظهر لنا يوما لتقول لموظفي القطاع الخاص «افهموا حقوقكم»، وأكاد أجزم بأن اطلاع الموظفين على النظام المفصل للعلاقة بينهم وبين قطاعاتهم والجهة المرجعية الممثلة بوزارة العمل يكاد يكون معدوما، إذا علمنا بأن أغلب الموظفين يوقعون على عقودهم دون النظر في تفاصيل العقد لفرحهم باقتناص الوظيفة! نتفق جميعا بأن الفصل التعسفي يمثل حالة من الامتهان في معاملة الإنسان، ولا سيما إن تحدثنا عن ذلك الموظف «الإنسان» الذي يمثل حجر الزاوية في بناء المجتمعات، متى ما شعر باختلال ميزان استقراره، فإن دائرة التأثير لن تحيط بشخصه بمقدار تشكيلها لنمط سلبي من أنماط التعايش الاجتماعي، وبالتالي، التأثير على مجمل المشاريع الحضارية، ولا أعلم من هو المستفيد من شيوع مفردة «فقدان الأمن الوظيفي» كسمة بارزة للقطاع الخاص؛ أصبحت متداولة في أوساط المنتمين إليه وهم في طور المنازعة: بين إثبات الوجود وحلم المستقبل، وبين ألم الاستيقاظ صبيحة يوم وورقة الاستغناء عن الخدمات تنتظره على مكتبه. حالات الفصل التعسفي وامتهان حقوق الموظف في القطاع الخاص تحولت من مسألة شخصية إلى قضية رأي عام أخذت حيزا في الطرح الإعلامي، وتفاعلت معها جهات تطل أحيانا من طرف خفي، لكن المحير في الأمر وجود جهة معنية بالفصل في مثل هذه القضايا الممثلة بهيئة تسوية الخلافات العمالية التابعة لوزارة العمل، إلا إن ضحالتنا «الحقوقية» لا تدفع المتضررين إلى اقتحامها لأن القناعة المترسخة عند بعضهم «لا تناطح الكبار»، فضلا عن «هم» توفير المحامي وأتعابه، فيتجرع المظلوم علقم القطاع الخاص، كما نقلت الأخبار مؤخرا حادثة الفصل التعسفي لخمسين موظفا في قطاع مشغل لخدمة الاتصالات، شباب في مقتبل عمرهم يصارعون غلبة الدين وقهر الرجال! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة