لا يكاد يخلو بيت قديم في القصيم منها، وسميّت بهذا الاسم لأنها تملط (تليّس) بالجص (النورة). والجصة بناء من ألواح الصخور الملساء التي يطلق عليها أهل المنطقة اسم الفروش، ومفردها (فرش)، تبنى الجصة عادة في غرفة الأطعمة بالمنزل، وترفع قاعدتها عن الأرض بمقدار 30 سنتيمترا، وهي بناء مستطيل بارتفاع مترين أو تزيد قليلاً، أما عرضها فيكون متراً في متر أو يزيد قليلاً، ويغطى سقفها بألواح الصخور أيضاً، وفي أحد جبنات قاعدتها أنبوب صغير (ربع إنش) يسمى (البلبول) يقطر منه عسل التمر (الدبس) وتكون سدته قطعة قماش صغيرة ملفوفة حول عود من الخشب، وفي أعلى الجصة فتحة دائرية تسمى (كوةّ) يلقى معها التمر من الزنابيل إلى داخل الجصة، كما تسمح لربة البيت بأخذ كمية من التمر بعد كبسة مدة من الزمن، والتي لا تزيد - عادة - عن الحاجة اليومية لأهل البيت أو لضيوفهم. ولمنع دخول الهواء الخارجي للجصة تسدّ الكوة بزنبيل من الخوص، وبسكب الأهالي الدبس (المتحصل) فوق التمر المرصوص داخل الجصة في فترات معينة، أما الماء فلا يسمح برشه أو سكبه داخل الجصة كي لا يفسد التمر أو يجعله رقيقاً فتختلط حباته بعضها ببعض وقد يتعفن. أما من يبني الجصة فهم بناؤون محترفون عارفون برصّ ألواح الصخور فوق بعضها مستخدمين الجص المحلي المستخرج من طحن الصخور الجيرية. بقي أن تعرف - عزيزي القارئ - أن أهل المنطقة يملؤون جصاتهم أو جصاصهم، بالتمر المسمى (الشقراء) والذي تكثر زراعته في منطقة القصيم، وهو الأفضل للكنز (التخزين) من أي نوع آخر من التمور. فيخرج التمر من الجصاص يتلألأ، تكسوه بلورات الدبس، فيسمى مدبَّس أو مجروش فيطيب أكله. إبراهيم بن سليمان الوشمي - بريدة