الصعود للقمة سهل لكن المحافظة عليها صعب.. كثيراً ما كنّا نسمع هذه المقولة وقليل ما كنّا نشاهدها على أرض الواقع.. لكن إدارة النصر تكفلت بتطبيقها عملياً وشرحها فعلياً من خلال ما قدمه الفريق هذا الموسم مقارنة بالموسمين الماضيين.. فالفريق انحدر بسرعة الصاروخ للقاع .. بعدما ذاع صيت انتصاراته وشاع .. ليترك القمة التي عانقها بكل استحقاق .. ويهوي حيث قادته إدارته إلى سفح الفشل ويعاني الاختناق. هذه هي الحقيقة وإن حاول البعض توزيع تركة الأخطاء على عدد من الأسماء.. فالصحيح أن المشكلة ليست بتغيير هذا المدرب أو استبدال ذاك .. وليست حتى بوفرة اللاعبين أو البديل فهذا الموسم محلياً أفضل حتى من سابقيه.. وليست المشكلة في النظام بالفريق فذات الطاقم الإداري مستمر واللاعبون متكيفون معه. الإشكالية الكبرى نفسية، وأسبابها مالية، والمساءل عنها إدارة النادي.. والتي ظلت مكتوفة الأيدي وهي تشاهد الفريق يعاني.. فمن يصدق أن اللاعبين لم يحصلوا على مكافأة دوري العام الماضي حتى الآن كما أكده الكابتن يوسف خميس ؟ ومن يصدح بعدد الرواتب المتأخرة التي طال انتظارها من اللاعبين؟ وأين ذهبت مقولة سنسجل ونسجل ونسجل في يناير؟!. عموماً وليس ذلك بدعةً مني : فإنه عندما يتوقف مصدر الرزق يتعطل أي تفكير بما سواه.. خصوصاً مع أول هزة تحدث للفريق فهي تثير الغبار وتفضح الأخبار وتتخضب أعمدة الصحف بما كان خافياً على المتابع وطي الأسرار.. فالثقة تبدأ تتلاشى والتفكير بالحقوق يصبح هو المسيطر ويكون أيضاً أشبه بالعذر الجاهز عند أي سقوط.. أما من يرد ويحاول تكريس فكرة أن المتأخرات موجودة في المواسم الماضية ومع هذا حصل على بطولات.. فأقول بأن الزخم المعنوي والإعلامي والثقة التي تولدت عند اللاعبين أخفت أي مشكلة بالفريق.. وتتالي الانتصارات لم يدرك مجالاً للشكاوى والمطالبات .. لكن عندما خسر النصر كأس الملك وتبعه بخسارة السوبر وكلاهما من غريمه التقليدي وبينهما صفقة نايف هزازي، والتي كلفت الشيء الفلاني واللاعبون بالمقابل يعانون الجفاف.. بدأ وقتها الهمس يتحول لصوت مسموع.. وبدأ التملل يتحول لتذمر علني .. ليؤثر كل ذلك على حماس ودافعية الفريق .. فيتدحرج في ترتيب الدوري حتى دُثرت حظوظه اللحد.. ويخرج أيضاً من كأس سمو ولي العهد.. وربما القادم أشد. وبرأيي فإن ما يعانيه النصر حالياً هو ما عاناه الشباب الموسم الماضي وتجرعه الاتحاد قبلهما بفترة .. فهناك ثلة تلمع المسئول مهما كان حجم ما ارتكبه من أخطاء لتسهم في عدم مراجعته لنفسه .. وتلك الثلة لا عمل لها سوى أن تصفق للفشل وتمارس دور الطبل.. لعلها تعمي الجمهور عن تلكم الأخطاء لتخلع العباءة عن المسئول وتذر الرماد بالعيون.. وفئة كهذه من مشجعي الأشخاص ربما هي الأخطر على أي كيان.. فهي تصور الباطل حقاً.. وتصنف النقد حقداً .. ولا تترك متنفساً لواضع حل أو راصد مشكلة.. فكل واضع يده على مكمن الخلل يصبح بنظر تلك الثلة ولأجل عين تحت المقصلة. لذا وقع النصر فريسة هذا الفريق من الإعلاميين.. علاوة على تفرد الرئيس بالقرارات مما أجبر بعض الشرفيين على الرحيل .. لتكون الضائقة المالية ثالثة الأثافي لما حل بالفريق .. فضاقت اليد وعدمت الرعاية وانفض الداعمون.. ليتحول البطل بفترة قصيرة إلى ما يشبه الغريق .. حتى أن خسارة نجران رغم فاجعتها لم تحرك فيه الكثير سوى هرولة نحو رأس المدرب كالمعتاد .. لأنه ببساطة وكما قيل : الغريق لا يخشى البلل .. ولك الله يا نصر ! أخيراً.. أكثر ما أضحكني حد الاستغراب في متابعة ردود الأفعال خصوصاً من بعض القريبين لصانع القرار الأصفر على ما أصاب النصر هو رمي السهام تجاه كاتب كبير ونجم معتزل .. وكأنهما هما من تعاقدا مع المدربين، الفاشل تلو الفاشل .. وهما من أخّرا الرواتب الشهر تلو الشهر .. وهما من تفردا بالقرارات القرار تلو القرار .. وهما من ( طفّشا ) الشرفيين عضواً عضواً .. حتى خيّل لي بأن الكاتب هو الرئيس والنجم المعتزل هو المدير الفني للفريق. للأسف هنالك ثلة بارعة في عمل أي شيء لبراءة من لديهم هو أهم شيء.. ولذا فلديهم القدرة على جعل السراب ماءً.. وإقناع المتلقي بأن كاتب وصفة الدواء يدس السم والداء.. وثلة كهذه هي الخطر على النصر.. لأنه لا مبدأ لهم سوى: وعين الرضا عن كل عيب كليلة .. أما موالهم في التعاطي مع المخالفين في الرأي فهو: ويلك ياللي تعادينا يا ويلك ويل ! آخر سطر العامل السيئ يلقي اللوم على أدواته (حكمة صينية)