ما يحدث للهلال اليوم ليس وليد اللحظة، وليس نتيجة عمل واحد أو خطأ واحد بل هو إرهاصات طبيعية لعمل إدارة النادي خلال السنوات الأربع الأخيرة التي بدأ فيها خط الفريق الكروي البياني بالنزول، وكل موسم أسوأ من الذي قبله، حتى وصل الفريق العريق صاحب الصولة والجولة و المجد والتاريخ إلى وضعه الحالي الذي يحمل من الوهن والضعف والتراجع مالم يحمله طوال سنواته ال 59 !! الهلال يتراجع ... أمر حذرنا منه طوال المواسم السابقة، وحذر منه كل الهلاليين المخلصين الذين كان يهمهم مستقبل النادي ومصالحه، لكن أحداً من القائمين بأمر النادي لم يسمع، حتى صار ما حذرنا منه واقعاً، وها هو الهلال بين أيديكم يترنح مثل أسد جريح لا يقوى على شيء و لا يستطيع منازلة حتى أضعف الفرق !! الهلال يتراجع و يتراجع، و البطولات تتسرب منه كما يتسرب الماء من قبضة اليد، ومن كان ييتمنى التعادل معه، أصبح ينعم بفرحة الفوز عليه، فيما إدارة النادي و شرفيوه يتفرجون عليه وهو يسقط اليوم تلو الآخر، وجماهيره تضرب كفاً بكف، وتكفكف الدمع حزناً و ألماً على فارس كان ... وهو اليوم في خبر كان !! الهلال يتراجع، وأحد لا يعرف أين سيستقر به المقام، و إلى متى يبقى في بياته الذي طال وطال، وغيابه عن البطولات الذي لم يتعوده أحد، و حضوره الفني الذي كان يملأ الساحة إبداعاً و طرباً ونشوة !! منذ سنوات والهلال ليس الهلال الذي نعرفه ... قلت في مقالات عدة أن إدارة النادي تعالجه بالمسكنات، التي تخفف آلامه اليوم ، لكنه تترك آثاراً سلبية ستظهر نتائجها في قابل الأيام، كان هناك من يقول إنك تتشاءم ، وهناك من يقول إنك تبالغ ...... وهناك من يتحدث عن تصفية حسابات لا يعرفها إلا هو .. وهو الهلال أمامكم ، ها هو العملاق يظهر بالشكل الذي حذرنا منه مراراً و تكراراً ، ها هي الأوجاع تشدد قبضتها على جسده المنهك، وهاهي جراحه الرطبة تواصل النزف، و المسكنات ما عادت تنفع... والهلال يوشك أن يغيب !! من المسئول عما يحدث ؟؟ لا إجابة أخرى على غير هذا السؤال ... الإجابة الوحيدة هي الإدارة ، فهي من يخطط و ينفذ !! وهي من يتفرد بالقرار ، وهي من أصرت على البقاء رغم أن ( النفس انسدت من كرة القدم) و رغم أن كل الوعود تبخرت في الهواء، وما من شيء منها يتحقق !! العمل في الأندية و خاصة عندما تكون بحجم الهلال وتاريخ الهلال و بطولات الهلال يحتاج إلى جهد مضاعف وشغل مختلف، وللأسف فإن إدارة النادي لم تقدم ذلك، اكتفت بما حققته في الموسمين الأولين لها، ومنذ الخسارة في النصف النهائي الآسيوي على يد ذوب آهن و مغادرة جيريتس وهي لا تقدم أي شيء..عمل عادي لصناعة فريق بطل، وهذا لا يكفي ... الهلال منذ أربعة مواسم وهو يخسر لقب الدوري، و يخسر كأس آسيا مرة في النهائي ومرة في نصف النهائي، مرة يسقط بالأربعة، ومرة على يد فرق حديثة التأسيس، والهلال ما زال عاجزاً عن الفوز بكأس الملك، و في كل موسم يعلل الهلاليون أنفسهم بالعبارة الشهيرة ..موسم للنسيان ، حتى أصبح الفريق برمته في طريقه للنسيان !! الهلال يخسر الدوري 2013 بعد منافسته مع الفتح الذي هزمه ذهاباً و إياباً، وعندما نعود لبداية ذلك الموسم لوجدنا الاستعداد الضعيف و التأخر في حسم التعاقد مع مدرب، وبعد مفاوضة ما يقارب ال 20اسماً ، استقر الأمر على كومبواريه ... وتعرفون بقية الحكاية !! لم يقدم كمبواريه شيئاً يذكر، فالغي عقده وجاء زلاتكو من الفريق الأولمبي ليقود الفريق ويتصاعد مستواه و يحقق كأس ولي العهد... ثم خسر من لخويا في ثمن النهائي الآسيوي - كان جيريتس يدرب الفريق القطري يومها !!! - وفجأة أعفت الإدارة زلاتكو وجاءت بسامي الجابر الذي يضع خطوته الأولى في عالم التدريب !! قاد سامي الهلال وكان منافسه النصر، وبعيداً عن أخطاء الحكام الذي شهد بها القاصي والداني، خرج الهلال من البطولات تباعاً، وكانت أخطاء مدربه خاصة في بداية المشوار كفيلة هي الأخرى في ذهاب الدوري لمصلحة جاره النصر، وعندما تحسن وضع الفريق وتأهل لربع النهائي الآسيوي، أعفي الجابر وجاء ريجي ...وبدأ الفريق معه بشكل جيد...لكنه تراجع في المرحلة الثانية وبالذات بعد مواجهتي سدني !! ما يحدث ليس مسؤولية المدربين أصلاً، بل مسؤولية من أتى بهم وهم بلا تاريخ و لا خبرة لقيادة فريق بحجم الهلال و متطلبات العمل في الهلال، و ما يحدث في الهلال أمر إداري بحت عندما نريد أن نسمي الأمور بأسمائها ، فالإدارة هي المسؤولة عن كل ما يحدث في النهاية وهي صاحبة القرار و الاختيار فيه !! - هي من يختار المدربين. - وهي من يتأخر في حسم أمر التعاقد مع اللاعبين !! - وهي المسؤولة عن وضع لاعبيه وانضباطهم. - وهي من يختار مدير الكرة ويحدد صلاحياته. - وهي من يبتعد عن الفريق في عز حاجته لها، وهل كان الفريق بحاجة إلى إداري قوي و مؤثر بقدر ما كان ذلك في مواجهته أمس أمام العروبة ؟؟ اتسع الشق على الراقع في الهلال اليوم اتسع الشق على الراقع، من الصعوبة معالجة أوضاع الفريق المتردية بمجرد إلغاء عقد مدرب و التعاقد مع آخر ...من البداية إلى النهاية الأمر ليس مجرد مدرب فقط، ولو جاء مورينهو و غارديولا وفيرغسون و يواكيم لوف جميعاً لعجزوا عن فعل شيء مع الفريق في وضعه الحالي !! الهلال يحتاج تغييراً شاملاً و عاصفة إحلال لا تبقي و لا تذر !! الهلال بحاجة إلى تدخل هيئته الشرفية من أجل انقاذ ما يمكن إنقاذه، و لا أدري هل أعضاء الشرف عاجزون عن التدخل، أم يريدون تأجيل ذلك؟؟ الهلال يعاني ... ويعاني ... وسيعاني حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.