أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب, المسلمين بتقوى الله عز وجل واتباع أوامره واجتناب نواهيه لبلوغ مرضاته عز وجل فمن اتقى الله نجا وسلم ومن غفل ندم وسوف يبعث الناس وتنصب الموازين فأعدوا لذلك اليوم عدته. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام: لقد تكفل الله عز وجل بحفظ هذا الدين العظيم منذ إشراق شمسه وقضى أنه لا تزال طائفة من الأمة منصورة لا يضرها من خذلها ولا من خالفها وهم من كانوا على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأجرى الله تعالى سنة الابتلاء على أتباع الدين العظيم بدءاً من الرسول الكريم وصحبه المبجلين وأتباعهم إلى يوم الدين ليميز الله المؤمنين ويعلم الصادقين. وأشار فضيلته إلى أنه كلما مضت عقود بعد زمن النبوة ظهر أعداء ومنافقون إما من خارج الأمة أو من داخلها بالقوة والقتال أو بالفكر والضلال لكن الله تعالى يقيض من العلماء والحكام من يدفع عن دينه وينصر الناس بالحق ويردهم إلى الورد الصافي ويمسكهم بالقرآن والسنة، مبيناً فضيلته أن من رحمة الله سبحانه وتعالى أن حفظ جزيرة العرب ومهبط الوحي ومهاجر الرسول فنشأت فيها دولة سنية فتية وسط صراعات عالمية وحروب كونية ونجّاها الله من فتن الحروب وصراعات الفكر والأحزاب واختطت لنفسها منهجا وسطاً معتدلاً في الدين والدنيا فجعلت دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتجافت عن البدع والخرافات وأظهرت للناس صفاء الدين. وأكد الشيخ آل طالب, أن تمسّك الدولة -حفظها الله- بدينها لم يمنعها أن تشارك العالم في السياسة والاقتصاد والعلوم والصناعات والأفكار والحوارات فمكّن الله لها وفجّر كنوز الأرض وأغناها فكانت سند المظلوم ورفد الضعيف ومقصد العمل والتجارة وطلب الرزق ووصلت خيراتها لكل محتاج من الدول والأفراد ولا ينكر ذلك إلا حاسد، وما كان لهذه البلاد أن تحظى بهذه المكانة إلا بتوفيق الله لها بأن أخلصت التوحيد وطبقّت الشرع المجيد وتوسطّت بدين الله في عدل وحق حتى حظيت باحترام المسلمين وشهادتهم لها بالريادة وعندما تقع الحوادث فإن المملكة لها مبادئها وقيمها الثابتة على الحق والعدل يعاضدها في ذلك أشقاؤها وحلفاؤها الصدق وفي الأمة خير كثير. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: إن في كتاب الله وآياته ثبات للمؤمنين الموحدين ففي سورة آل عمران عرضت الآيات كفاح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع قومهم من المشركين وانتصار المؤمنين في بدر وانكسار في أحد وهذا دليل على أن الابتلاءات والمحن كانت وستظل سنة الله تعالى في خلقه وأحوال المؤمنين والشهداء ومواقف المنافقين والأعداء تحكيها الآيات وتعرضها مقرونة بالعبر والعظات تعّلل للأحداث وترسم السنن وتدعو للنظر في الأسباب والعواقب وتحث على اليقين والثبات في المبادئ والمواقف فلا بّد من جرح وابتلاءات تكشف العدو من الصديق وتفرز طلاب المنافع والمصالح وتستبقي أهل الإخلاص والصدق الذين ينصرون نبيهم في البأساء والضرّاء ويلوذون بربهم مهما تقلبت بهم الليالي. وأكد فضيلته في خطبته, أننا نرى اليوم تكالب الشرق والغرب على المسلمين ونرى في الوقت نفسه انبراء العدو المتخفي الذي لم يضع فرصة على مر تاريخه الطويل من طعن الأمة في ظهرها مظاهرة لأعدائها وخلخلة لصفوفها من داخلها مستغلاً حوادث التاريخ ومظالم لم تكن تعنيه ولم تتصل أسبابها بسببه يتهموننا بالإرهاب ونحن من اكتوى بناره، إنه التناقض والظلم الصرّاح الذي يستنهض الأمة للدفاع عن نفسها معتمدة على الله الواحد الأحد وإن كل ما نسمعه ونراه من تغير في السياسات وتبدّل في التحالفات لن يضيرنا ما دمنا معتصمين بمن لا يبدل إلا إذا بدلنا ومن لا يخذلنا إن نحن به التجأنا. وأضاف فضيلة الشيخ آل طالب: إن بلادنا بحمد الله نخباً وعامة على قدر من الوعي بما يحدث ويحاك وقد اعتدنا على هذه الأحداث التي تظهر المعدن الحقيقي للعرب في هذه البلاد ومسلميها فيظهر فيهم عمق التدين وصدق التوكل كما تتجلى الأخوة والاتحاد وتدفع القيادة من الحلم إلى الحزم في اتكاء على الأصل الذي قامت عليه وتمسكاً بالأساس وهو التوحيد والوحدة والاعتماد على رجالها وإعداد العدة فإننا ننظر إلى أمتنا وهي ترمق المستقبل بأمل وتنشط كي تتقدم وتزاحم وتسبق فلن تستلم وإن حاصرتها العقبات والمتاعب ولن تيأس وهي الأمة المرحومة المنصورة كما أخبر الله عز وجل بذلك. واختتم فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب مؤكداً أن الدولة بحمد الله قوية بربها ثم بمبادئها الثابتة وإيمانها الراسخ قوية برجالاتها وطاقاتها وإمكاناتها ولن تسمح بمن يزعزع أمنها ويشتت أمتها في حاضنة الإسلام قبلة المسلمين وحارسة الحرمين الشريفين وحدودها تمتد في قلوب مليار من المسلمين فهي سند للضعيف وجار للمظلوم ومهابتها واحترامها يتجاوز البحار والقفار فحفظها الله من كل شر وفتنة. المسجد النبوي وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي الشريف أمس عن عبادة عظيمة شرعها الله لعباده للتقرب إليه سبحانه وهي عبادة العلم والسعي في طلبه. وقال فضيلته إن عبادة الله وحده هي حكمة الخلق والأمر ولأجلها بعثت الرسل وأنزلت الكتب وبها شرف الخلق وسعادتهم وفلاحهم ونجاتهم ومنازل العباد عند الله -عز وجل- بحسب منازلهم فيها قال تعالى {أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. وأضاف فضيلته أن من فضل الله -عز وجل- على عباده أن نوع العبادات لينوع لخلقه اللذات وليعلي لهم به الدرجات وأن هناك عبادة في الدين عظيمة سابقة لغيرها ومصححة لما سواها الظافر بها فائز والمفرط بها نادم امتدح الله -عز وجل- أهلها وفضلهم لأجلها تهدي العبد إلى ربه وتنير له دروب حياته كمال الإنسان ونجاته متوقف عليها وما عبد الرب سبحانه بمثلها، فبها يعرف ويعبد ويذكر ويمجد ويعلم بها حقوق الخالق والمخلوقين ويميز بها الحلال عن الحرام ألا وهي العلم. وبين إمام وخطيب المسجد النبوي أن طلب عبادة العلم والسعي وراؤها طاعة وأن بذلها قربة فهي تنير القلوب والبصائر وتقوي الأذهان والضمائر، تؤنس صاحبها في الخلوة وتذكره عند الغفلة، زينة لأهلها وأمان لأصحابها، أهلها للأرض كالنجوم للسماء فبهم يهتدى وهم زينة البرية وجمالها وحصن الأمة ودرعها ولولاهم لطمست معالم الدين، بها صلاح الأمة ورفعتها واستقامة النفوس وزكاتها وهداية البشرية وسعادتها وتحصين الأجيال وسلامتها، الحاجة إليها فوق كل الحاجات وبدونها خراب العالم وفسادها. وأفاد فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن أمة الإسلامية أمة علم فكانت أول آية أنزلت في الحث على العلم قول الله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} والرسالة كلها علم وعمل فالعلم شطرها مستشهدا فضيلته بقول الله تعالى {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى} أي بالعلم النافع والعمل الصالح. ولفت فضيلته الانتباه إلى أنه لا شيء أطيب للعبد وأصلح لقلبه من محبة الله سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم فهو الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء من عباده، مستشهدا بقول الله -عز وجل- يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا . وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله سبحانه قد أمتن على آدم عليه السلام وأظهر فضله على الملائكة بالعلم قال تعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِين واصطفى الله سبحانه وتعالى بالعلم أنبياءه ورسله ومن شاء من خلقه فبشرت الملائكة امرأة إبراهيم بإسحاق ويوسف عليه السلام قال تعالى عنه وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وقال تعالى عن داود وسليمان عليهم السلام وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا , وعدد الله سبحانه وتعالى نعمه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجعل العلم من أجلها قدراً فقال -عز وجل- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ . وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي أن العلم ميراث الأنبياء والوارثون لعلمه خير الخلق بعدهم وأقرب الناس إليهم وخيار الناس أعلمهم فالعلم ميزان تفاوت الأعمال ودرجاتها وبه صلاح الأعمال وزكاتها ولن تصفو للمرء عقيدته ويحقق الإخلاص لربه إلا بالعلم. وبين الشيخ القاسم أن العلم الشرعي حصن للأمة من الفتن وأن العلم ما دام باقياً في الأرض فالناس في هدى فبالعلم حياة العباد ونورهم، ومن عبد الله بغير علم كان يفسد أكثر مما يصلح وما فشى الشرك إلا لقلة العلم والبعد عن أهله. وأوضح فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم أن حسن الفقه في الدين من أخص صفات المؤمنين فصدورهم مستنيرة بالعلم، فقد خص الله تعالى أهل العلم بتعقل أمثال القرآن الكريم وإدراك معانيها فالرحمة تغشى مجالسهم والسكينة تتنزل عليهم وتحفهم. وخلص فضيلته في نهاية خطبته إلى أن العلم أقرب طريق إلى الله -عز وجل- فمن سلك طريق العلم وصل إلى الله سبحانه، وإلى الجنة من أقرب الطرق وأسهلها قال عليه الصلاة والسلام «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقاً إلى الجنة».