أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام إن رصيد الإيمان وزاد التقى وصفاء المعتقد يورث صاحبه توفيقا إلى إصابة الحق وهداية إلى بلوغ الغاية من رضوان الله والحظوة بتأييده ونصره الذي ينصر به من يشاء نصرا تبيض به وجوه أهل الإيمان وتعلو به أقدارهم وتستقيم به أحوالهم وتطيب به حياتهم ويبعث على تذكر أن النصر من عند الله وحده أنه النصر الحق الذي لا خذلان ولا خسران ولا هزيمة معه والتأييد الرباني الذي يؤيد به من يشاء كما قال تعالى والله يؤيد بنصره من يشاء فإن شاء كما قال أهل العلم في التفسير إن شاء نصر من استجمع أسباب القوة المادية في العدد والعتاد كما هو المعلوم من سنته في عباده وإن شاء جعل النصر حليف الفئة القليلة المستضعفة التي يدل ظاهر حالها على أن انتصارها على أعدائها من ضروب المحال فلم تضر القلة مع نصره ولم تغن الكثرة والاغترار بها مع خذلانه كما وقع يوم حنين حين أعجبت المؤمنين كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا ولم تحقق لهم نصرا فالأمر كله لله . وأضاف فضيلته يقول " وقد جعل سبحانه للنصر أسباباً أرشد إليها وحث على الأخذ بها يأتي في الطليعة منها الإيمان الصادق بالله تعالى وتوحيده وإفراده بالعبادة بصرف جميع أنواعها له وحده دون سواه فجماع الدين كله أن لا يعبد إلا الله وأن لا يعبد سبحانه إلا بما شرع لا بالآراء ولا بالبدع المحدثات التي حذر رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه من سلوك سبيلها وأن يعبد الله بها وهذا يستلزم كمال الثقة بالله تعالى وتمام التوكل عليه وصدق اللجوء إليه وشدة الضراعة والابتهال والافتقار إليه . ومضى فضيلته يقول فإذا نصر المؤمنون ربهم بإقامة دينه وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بامتثال أمره واجتناب نهيه ونبذ التفرق والحذر من التنازع والصبر والثبات وذكر الله كثيرا عند اللقاء إذا كان هذا هو الحال لدى أهل الإيمان مع ربهم فليستيقنوا بصدق موعود الله لهم وقرب نصر الله لهم بعد أن تمضي فيهم سنة الابتلاء بالتمحيص كما مضت في من سبقهم من الأمم وهما وعد رباني وبشارة نبوية يستيقن بها المؤمنون ولا يرتابون في حتمية وقوعها مهما كان لأعدائهم من صولات أجلبوا عليهم فيها بخيلهم ورجلهم وعدتهم فإنهم وإن كانت لهم الغلبة حينا من الدهر فإنها غلبة غير مستقرة ولا دائمة أما العاقبة على الدوام فهي للمؤمنين اللذين جعل الله نصرهم حقا أوجبه على نفسه وكان حقا علينا نصر المؤمنين وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن إدراك المؤمنين أن النصر هو من عند الله وأن ماعند الله لا ينال إلا بطاعته جعل موازين القوى لديهم قائمة على قاعدة مختلفة عما ألفه واعتمده غيرهم من موازين لا تستند إلا إلى الأسباب المادية التي لا تقيم لغير الكثرة في العدد والعتاد وزنا لافتا النظر إلى أن إعداد الأسباب وان كان لازما لا مندوحة عنه قد أمر الله به إلا أن مدار الأمر لدى أهل الإيمان والتقوى إنما هو على الطاعة والمعصية ولذا كان مما استقر في نفوسهم أنهم إنما ينصرون بطاعتهم لله وبمعصية عدوهم له فهم لذلك يخشون على أنفسهم من ذنوبهم أشد من خشيتهم عليها من عدوهم وحين يتأخر عنهم النصر أو تحل بهم هزيمة فإنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة فيعدون سبب ذلك تفريطا في جنب الله أو تعدياً لحدوده أو مخالفة لأمره وهو دليل ظاهر وآية بينة على آثار الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب وعلى التوحيد حين يكون الأساس في مسيرة الحياة والعماد لحركتها والروح الذي تسمو به ويعلو قدرها . وفي المدينةالمنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم المسلمين بتقوى الله ومراقبته في السر والعلن . وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة اليوم أن عز المخلوق بطاعة الخالق والطريق إليها بعبادته سبحانه . وقال شيخ الإسلام رحمه الله ( كلما زاد العبد تحقيقاً للعبودية ازداد كماله وعلت درجته), مبيناً فضيلته أن الله قد أثنى على خليله بأدائها فقال سبحانه " إنَّ إبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ " , وأمر كليم الرحمن بها, فقال سبحانه " إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي", وكان داوود عليه السلام كثير العبادة له سبحانه فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً,وينام نصف الليل, ويقوم ثلثه, وينام سدسه, وجاءت البشرى لزكريا عليه السلام وهو يتعبد الله, فقال تعالى " فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِم ٌيُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى?" , وقال عيسى عليه السلام لقومه " وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَ?ذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ" , وقال الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم " بَلْ اللَّه فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ " , فامتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه, فكان يصلي من الليل حتى ترم قدماه, ويعتكف ليالي في العام, وأمره الله أن يخبر الناس بأنه يعبد الله وحده لا شريك له, فقال تعالى " قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ", وأمر الله كفار قريش بصرف العبادة له دون سواه, فقال سبحانه "فَلْيَعْبُدُوا رَبّ هَذَا الْبَيْت" , وحث النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة التعبد لله وحده, فقال صلى الله عليه وسلم ( عليك بكثرة السجود لله, فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة, وحط عنك خطيئة ) رواه مسلم. وروى فضيلته, ماقاله ابن كثير رحمه الله ( الصحابة خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم, فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم, وعلى هذا النهج القويم من خشية الله وكثرة عبادته, سار سلف الأمة رحمهم الله), وقول البزار عن شيخ الإسلام رحمه الله ( أما تعبده فإنه قل أن سمع بمثله, لأنه كان قد قطع جل وقته وزمانه فيه, وكان إذا أحرم بالصلاة تكاد تتخلع القلوب لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام). ومضى فضيلته يقول إن لفضل الله السابغ على خلقه, أن يعيد عليهم كل عام شهراً مباركاً جعله مغنماً للتعبد في ليله ونهاره, ومن كرمه سبحانه أن أعلمهم فيه لفضائل والطاعات, وأيام رمضان ولياليه قد أزفت مليئة بخيراتها وبركاتها, حيث تنطلق فيه النفوس خلاله للمنافسة في الصالحات, قال عليه الصلاة والسلام ( أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه, تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم, وتغل فيه مردة الشياطين, لله فيه ليلة خير من ألف شهر, من حرم خيرها فقد حرم) رواه مسلم. وأبان فضيلته أن ثواب الصيام ليست الحسنة فيه بعشر أمثالها, وإنما أجره بغير حساب, لقوله عليه الصلاة والسلام, قال الله ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام, فإنه لي وأنا أجزي به),وقال ابن رجب رحمه الله ( الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها لسبع مئة ضعف, إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد, بل يضاعفه الله أضعافاً كثيرة بغير حصرعدد). وأسهب فضيلته في التذكير بعظم أجر صيام رمضان والقيام بالعبادات فيه, مبيناً أجور الصائم بلا حصر, فذنوبه بالصوم تغفر وتحط, لقوله عليه الصلاة والسلام ( من صام رمضان إيمانا ًواحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه . وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن في رمضان ليلة خير من ألف شهر من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه, كما تحف الصيام أعمال عظيمة في رمضان, فالقرآن الكريم نزل في رمضان, فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارس نبينا القرآن في ليالي رمضان, ومن تلاه ناله من البركة والضياء والهداية بقدر قربه منه, ومن قرأه تضاعفت له الأجور بقدر إخلاصه فيه, والصائم منكسر بين يدي ربه, والله لا يرد له دعوة, قال عليه الصلام والسلام ( ثلاثة لاترد دعوتهم, الصائم حتى يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم رفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء, يقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين) رواه الترمذي . واستطرد فضيلته,قائلاً إن الخير يأتي بالخير, فالقرآن والصيام, دليلان لكل طاعة وخير, والإنفاق في رمضان يتسابق إليه ذوو النفوس الشامخة, والمتصدق موعود بالمغفرة والغنى, وقال سبحانه " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءوَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً ", وبين فضيلته أن الزكاة من أركان هذا الدين , لا يقوم الإسلام إلا بها, تطهر المال وتنميه, وتزكيه, داعيا ًإلى بذل الزكاة والإخلاص في أدائها, محذراً من التسويف في إخراجها لأن المرء لا يعلم ما يعرض له. واستشهد فضيلته, بأحاديث تبين فضل رمضان وعظم أجر العبادة في أيامه ولياليه , منها حديث ( من صلى مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليله),وحديث (عمرة في رمضان تعدل حجة). كما استذكر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي بشائر النصر التي توالت على المؤمنين في هذا الشهر الفضيل ومن بينها غزوة بدر التي كانت فاتحة الانتصارات في رمضان, وغزوة الخندق التي كانت العدة لها من السنة الخامسة في رمضان, وفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً ,وكسر الأصنام, وهدم مسجد الضرار , كانت جميعها في رمضان. وشدد فضيلته, على أن العاقل لا يهدم ولا ينقص عبادته المتنوعة في رمضان وفي غيره, مبيناً أن من كمال الصوم الواجب، حفظه من الكذب والغيبة والنظر إلى المحرم, والانشغال بالملهيات وإضاعة الأوقات, لقوله عليه الصلاة والسلام ( الصيام جنة, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب, فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم). رواه البخاري وقال فضيلته : إن من فاته الغفران في رمضان فهو المحروم, لقوله صلى الله عليه وسلم ( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ) رواه الترمذي.