الإنكار، الغضب، المساومة، الاكتئاب، التقبل.. هذه هي مراحل الحزن الخمسة، التي يمر بها المتعرض لخسارة كارثية، حسب نموذج كيوبلر روس. يتوقف فيها المنكوب عابراً، أو يقيم بها لمدة طويلة، لكن المهم أنه سيأخذ نصيبه من كل مرحلة، حتى يشفى. لكن أن تحول كارثتك الخاصة لنكته، وتتحول لساخر، هنا - في اعتقادي - ردود أفعالك لم توافق مراحل روس الخمسة. ثمة غصة لا تنفرج، ثمة يأس ثقيل يخنق قدرتك على أن تكون منكوباً طبيعياً! هكذا عبّر شباب وأطفال جدة عن يأسهم الثقيل، بعد سيولجدة الأخيرة. اللعب بالقوارب، والتزحلق على الشوارع الغارقة بالأمطار، هما نوع من إظهار اليأس، تغطية الفزع بالصخب والاحتفال. ماذا يسعهم أن يفعلوا غير هذا؟ غير جلد الألم بالمزيد من الضحك، كطفل يحاول أن يموه حزن خسارته في السباق بالضحك؛ لئلا يسخر الزملاء، أو ربما للفت نظر المعلمة. تحولت كوارثهم لحالة توحي باللامبالاة، وهي للمتأمل ليست أكثر من كوميديا سوداء صاخبة. ماذا يمكنك أن تفعل إذا كنت قد تخسر حياتك، أو حياة من تحب، إذا كان سقف بيتك سيصبح شلالاً هادراً؛ لأن فاسداً ما اختار سلامته هو؟ الضمير لا يباع في الأسواق، لربما عملوا «قطية» واشتروا له. لهذا شباب وأطفال جدة يتزحلقون على الشوارع الغارقة بالمطر. إنهم يقولون للفاسدين الذين سرقوا الميزانية التي خصصتها الدولة لمعالجة السيول: سرقتم أموالنا، لن تسرقوا بسمتنا. يقول فولتير: «إن السخرية سلاح الأعزل المغلوب على أمره».