اليوم.. تحل الذكرى الأولى لكارثة جدة.. ماذا يشكل هذا اليوم في الأجهزة النفسية لأهالي ضحايا الكارثة؟ هل هو يوم تروية.. استقبال للعيد.. تجديد للأحزان.. رصد حساب لما تبقى من الأوجاع.. يقظة ألم على معادلة خاسرة.. صحوة حزن وسط رهان خاسر. اليوم رقم 365 بعد يوم الحزن الذي أدمى القلوب بمئات الضحايا في الأربعاء الأسود، يوم أتت السيول في الحج الماضي على كل شيء: الأنفس والبيوت والشوارع، حتى القلوب ظلت محاصرة بذلك التاريخ منذ وقوعه إلى أجل غير مسمى. فماذا يطيب لأهالي الأحياء المنكوبة تسمية يوم الكارثة بكل تفاصيلها الموجعة الغارقة إلى حد البؤس، وبأي منظار يرونه؟ بمنظار أبيض كضرب من المستحيل كون حجم الكارثة ألغى البياض من قواميسهم؟ أم ضبابي لبطء سير العمل بعد عام وانعدام رؤية التخطيط في بعض الجوانب ونقص في المردود الإنساني؟ أم بمنظار أسود من جهة فقدان الأحباب التي تكفي بمفردها دون الالتفات إلى ما تحتضنه الملفات الأخرى؟ سؤال يطل على خواطرهم من الجهات الأربع.. هل اجتثت التعويضات والتخطيط اللاحق والمعاملة ما تكتنزه قلوبهم من ذكرى مؤلمة؟ ما زلت أرى وسأظل أجزم أن ذكرى الكارثة تظل أشد ألما من الكارثة نفسها.. لأن أنفس ذوي الضحايا تتذكر التاريخ بكل دقة، وما بين وقوع الكارثة وذكراها ترتمي النفس البشرية في ذكرى مستقبلية لحزن يجدده أي شيء، كلمة أو عبارة أو صورة أو بقايا ذكرى أو ملامح منزل أو مقتنيات راحل أو أي حديث عابر أو سؤال طفل بريء أو دمعة إجبارية أو مراجعة معاملة.. كل الطرق تؤدي إلى تجديد الحزن. اليوم الألم يدخل بملمح آخر سرا وعلانية.. الجهات الحكومية استعدت بعد عام.. هل رفعت كل المخلفات وبقايا الكارثة من سيارات وأزيل كل ما من شأنه استعادة الكارثة؟ بعد عام.. يا ترى هل لدى الجهات الملزمة حقائق وأرقام وبشرى خير تعلن اليوم لو استثنينا جهود الإمارة؟