أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة على هذا العام 2015 (عام الابتكار) وخصصت لهذا الغرض جوائز تمنح لأفضل الابتكارات في شتى المجالات بالدولة. بالطبع التنافسية تغذي هكذا مشاريع بتجارب مميزة ومن الطبيعي أن تحمل بيئة العطاء بجو حماسي لتقديم الأفضل للفرد والمجتمع. والهدف الأسمى خلف هذا المشروع هو إيصال هذه الدولة الفتية إلى مصاف العالمية وعن جدارة. وقفة مع أخبار منتصف شهر أغسطس 2015: - باب سري يكشف عن كنوز نفرتيتي: « أعلن نيكولاس ريز عالم الآثار البريطاني في جامعة أريزونا أنه قد اكتشف باباً سرياً في مقبرة توت عنخ أمون يعتقد أن وراءه حجرة دفن الملكة نفرتيتي التي يشير الباحثون إلى أنها والدة الفرعون الشاب، وتضم هذه الحجرة كنوز نفرتيتي العجيبة. وقال العالم البريطاني في تقرير نشره مشروع مقابر تل العمارنة، إنه من خلال القيام بتحليل صور دقيقة لجدران مجمع مقبرة توت عنخ أمون في وادي الملوك توصل إلى باب سري من المعتقد أن حجرة دفن نفرتيتي وراءه.وقال بأن نتائج هذا الاكتشاف فذة، وإذا ترجم التحليل الرقمي لهذه الصور إلى واقع فعلي، فإن ذلك لا يعني فقط أننا أمام احتمال اكتشاف قاعة تخزين جديدة تنتمي إلى عهد توت عنخ أمون، وإنما أيضاً أمام احتمال التوصل إلى قاعة دفن نفرتيتي نفسها التي اشتهرت بجمالها، وإذا صحت هذه النظرية فقد تحسم عدداً من التناقضات طالما أثارت حيرة الباحثين». - يعتبر راي كورزويل واحدا من كبار المخترعين وعلماء المستقبل وهو من توقع انه بحلول عام 2033 ستكون هناك أجهزة كومبيوتر بحجم خلية الدم. وقال العالم ان النمو الهائل في قوة المعالجات التي تعتبر محور عمل أجهزة الكومبيوتر إلى جانب تقنية تناهي الحجم سوف يؤدي إلى ظهور أجهزة كومبيوتر متناهية الصغر. وبالتالي ستتضاءل الحدود بين الخيال والواقع. المتحدثين في الخبرين المدرجين أعلاه ليسا من إقليمنا، فقط نقل الخبرين إلينا بالعربية لنقرأ ولنعي ماذا يدور علمياً هناك. والخبر الأول كما نرى لحدث يتعلق بآثار في دولة عربية عريقة الحضارة. والخبر الثاني هو عن توقعات مستقبلية متعلقة بتطورات تقنية (التكنونانو) المرتقبة، وهدفها المنشود هو إطالة عمر الإنسان والرفع من كفاءته الحيوية ليحيا بشباب دائم دون أمراض ويكتسب نسب ذكاء عالية عبر هذه الحواسيب المتناهية في الصغر والسابحة في دمه. ما يهمنا في الخبرين هو سعي الإنسان الدؤوب عبر الأزمنة في أحسن تصور ليستفيد من طاقة العلم ومعطيات عصره لفائدة البشرية أي لخير يعم جميع مناح الحياة الإنسانية الخاصة والعامة. ما دور المبدع هنا؟ كلا الخبرين يشكلان بيئة تعكس عدة أفكار معاً، قد تلهم المبدع أياً كان مجاله فيعتبر أن كل حدث بحد ذاته خامة جيدة لمشروع قصة أو رواية أو قصيدة. ولربما نقلت كمشاهد عبر فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، وربما لوحات تشكيلية تحكي لنا ما حمله كل خبر على حده. متعة التخيل هنا تجعلنا بين زمن ماضي وزمن آتي. في مهنة التدريب والتدريس لإيصال الفكرة بشكل جيد قد نضع هكذا نماذج من الأخبار، ونطلب من المشاركين أن يصيغوا ما يشاؤون من تعبير ذاتي عن انطباعهم تجاه كل خبر. ونتناول كل رد فعل سواء كان بالحرف أو الرسم أو حتى الموسيقى. نتحدث عما رأيناه في كل منهم، وللتنوع الثقافي للحضور قد نصل عادة إلى نتائج مذهلة. ويرشح أفضل عمل من قبل المجموعة ويكون هناك تبرير للاختيار. هناك أسباب علمية وهناك أسباب تعود للذائقة والحس الجمالي، وفي كل الأحوال لن يفوز عمل بالمركز الأول ما لم يحصل على أعلى نسبة من الأصوات والتبريرات المقنعة. ولطالما حصل عامل الابتكار في العرض على نصيب الأسد في الترشيحات. قد يعاد عرض الأفكار عدة مرات ولكن في كل مرة يجب أن يكون هناك ما يميز التجربة ويعكس إضافة حقيقية. ولا يحقق ذلك إلا الابتكار الخلاق دون تكرار ممل. أي يجب إضافة روح للفكرة بشكل يجعل المتلقي أمام عمل جديد تماماً ومن زاوية لم يرها من قبل. أستحضر اللحظة رائعة تولستوي (آنا كرانينا) حين نقلت للشاشة الفضية عدة مرات، وفي كل مرة كان هناك شيئاً جديداً تناولته التجربة المعروضة. وكأننا في كل مرة أمام عمل جديد تماماً. الكاتب الذي لديه مشروع عن وعي ما عليه سوى أن يتابع عن كثب كلما حوله، ويتقبل كل جديد بحيادية، ويتمعن جيداً في ما هو هدفه من كتابته وما هي عقلية المتلقي التي يوجه إليها رسالته. بذا يستطيع أن يختار مواضيعه التي تناسب مشروعه الأدبي، والذي من الممكن أن تضيف لرصيد القارئ وتحقق قفزة نوعية في المشهد الثقافي. كل له نهجه وأفكاره التي قد تنقل مجتمعاتنا لما نتمناه من سد ثغرات أدبية وثقافية تليدة وشفاء من علل أخرتنا عن ركب التحضر والتطور الإيجابي.