في وفاتك يا أبي الغالي رائد أسرة المزروع إذا كانت للمشاعر التي تغمر حياة الإنسان أثر قوي حسب نوعها ومن كان مثارها.. فإن مشاعر الحزن الأسود والأسى العميق القاتل التي تسيطر علي اليوم وعلى إخوتي والأهل جميعاً.. تلك الآلام المحرقة لأكبادنا، المقطعة لقلوبنا لفجيعتنا الكبرى بموت والدنا.. آلام غير مسبوق لنا الشعور بها، وغير اقتدار على أن تبرد لحظة نيران الأسى في حياتنا.. بل لا هدوء لها في أرواحنا، أو إمكانية التخفيف لها في كل صور علاقاتنا وحياتنا.. كان والدي.. رحمه الله تعالى - كل شيء حسي ومعنوي في كل صور وأوقات حياتنا.. لكل أسرتنا أنا ما عرفت لوعة الأسى قبل هذا الحدث أبداً.. لقد كان والدي هو الظل الذي نحتمي تحته، وهو الدواء الذي نتعاطاه ونبرأ به عند اللجوء إليه.. رحمك الله يا أبي.. رحمة واسعة في جنات النعيم.. واسعة كسعة ما كنت تتميز به من سعة النفس والتعامل الطيب مع الناس جميعاً حتى صرت حبيباً للجميع.. ذا مكانة عالية عند كل الأهل والجيران والعارفين لك والمتعاملين معك. رحمك الله يا من كنت معنا طيباً في الالتزام بالقيم والأعمال الدينية.. كنت منذ صغرنا ملزما ضرورة أداء الصلاة في موعدها - ومع الجماعة ما أمكن ذلك، والحمد لله على هذا الحزم الذي نعيد ثماره اليوم.. ونحن الآن ندعو لك بالرحمة والمغفرة في كل صلاة. إن أبناءك الذين لا تجف دموعهم منذ لقيت ربك راضياً مرضياً عنك هم في دعاء صادق، ومناجاة لله تعالى أن يتغمدك بالرحمة مع الصديقين والشهداء. أبناؤك سوف يظلون في اجتماع عائلي ويفعلون الخير باسمك لتكون لك الدرجات العليا في جنات النعيم.. عرفاناً منا بفضلك، ووفاء منك بحقك علينا وإغداقك حياة النعيم والرخاء وكنت دائماً بالخير تغمرنا. والدي الفقيد الغالي.. ذكراك باقية في العقل وصورتك باقية تلوح أمامنا في العين.. وصوتك الندي الذي كنت تخاطبنا به سيظل هاتفاً ينادينا، وناصحاً أميناً يوجهنا. إني لأدعو الله خاشعاً وأكرر الدعاء راجياً أن يتغمدك الله برحمته الواسعة، في جنات النعيم، وأن يلهمنا الصبر على فراقك، والثبات بعد فقدك.. وأن يجمعنا معك في الآخرة مع الصديقين والشهداء والأنبياء والمرسلين. رحمك الله يا أبي.. رحمك الله يا ذكرانا الباقية.. رحمك الله يا روحنا الغالية.. وتغمدك بواسع رحمته، في كريم جناته - عبدالعزيز عثمان المزروع