11 نوفمبر: عدت إلى البيت لأجده بأشد حالاته هياجًا، فكاري التي كانت تبدو مذعورة كانت تقف خارج غرفتها، في حين كانت الخادمة مضطربة وتبكي. فقد كانت السيدة بيريل (الخادمة النهارية) تصرخ بأعلى صوتها بأنها ليست سارقة وأنها امرأة محترمة تعمل جاهدة لتؤمن عيشها وأنها ستصفع أي أحد يجرؤ على نسج الأكاذيب على لسانها. وقف لوبين، الذي كان يدير ظهره لي ولم يرني حين أتيت، بين المرأتين وعلي أن أقول بكل أسف أنه كان يسعى أن يكون رجل سلام، وتلفظ بألفاظ بذيئة في حضور والدته، وحين وصلت أنا سمعته يقول: وكل هذا الاضطراب من أجل فقدان وريقات قليلة من مفكرة عفنة لا تساوي ثلاثة بنسات ونصف! فقلت بهدوء: اسمح لي يا لوبين، هذه مسألة رأي وباعتباري سيد هذا المنزل ربما عليك أن تدعني أتولى زمام الأمور. وعلمت أن الشجار كان بسبب اتهام الخادمة للسيدة بيريل بتمزيق صفحات مفكرتي لتلف بها بعض الدهن وبقايا الطعام التي أخذتها من بيتنا الأسبوع الماضي، فصفعت السيدة بيريل الخادمة وقالت إنها لم تأخذ شيئًا وإنه ليس هناك أي بقايا لتحملها. أمرت الخادمة بالعودة إلى عملها وطلبت من السيدة بيريل أن تعود إلى منزلها. عندما دخلت الصالة كان لوبين يلوح قدميه في الهواء ويقهقه ضاحكًا. 12 نوفمبر، الأحد: قابلنا لوبين وديزي مولتر وأخاها في طريق عودتنا من الكنيسة، فعرّفنا لوبين على الفتاة ثم سرنا جميعًا إلى المنزل، فدعوناهما للدخول لدقائق قليلة، وتفحصت زوجة ابني المستقبلية فأحبطت تمامًا، لقد كانت شابة ضخمة وأظنها أكبر من لوبين بحوالي ثماني سنوات ولا أراها جميلة. سألتها كاري إن كانت تستطيع القدوم يوم الأربعاء القادم مع أخيها لرؤية بعض الأصدقاء، فقالت إن ذلك يسعدها جدًا. 13 نوفمبر: أرسلت كاري دعوة لكل من جوينج وكومينجز والسيد والسيدة جيمس من سوتون والسيد ستيلبروك، ووجهت دعوة للسيد فرانشينغ من بيكهام. قالت كاري إننا سنجععل منها حفلة لطيفة وعرضت أن ندعو مديرنا السيد بيركب، فقلت إنني أخشى أننا لسنا من مستواه فقالت كاري إنه لا ضير في سؤاله، ووافقتها في ذلك وكتبت له رسالة. عبرت كاري عن خيبتها نوعًا ما من هيئة ديزي مولتر لكنها تظنها فتاةً لطيفة. 14 نوفمبر: قبل الجميع دعوتنا لحفلتنا الصغيرة يوم الغد. وأرسل السيد بيركب رسالة لطيفة سأحتفظ بها يقول إنه يتناول عشاءه في كينسينجتون لكنه سيأتي إلى هالواي لساعة إن تمكن من ذلك. كانت كاري مشغولة طوال اليوم، تعد الكعكات الصغيرة وفطائر المربى، وقالت إنها تشعر بالتوتر حيال مهامها يوم غد. واتفقنا أن نقدم شيئًا خفيفًا على الطاولة كالشطائر والدجاج البارد وبعض الحلويات، بالإضافة إلى اللحم البارد واللحم المعلب ليأكل منها من يشعر بالجوع. جاء جوينج ليسأل غن كان عليه ارتداء بزة رسمية يوم الغد، فقالت كاري إن عليه يتأنق، خاصة بقدوم السيد فرانشينغ و احتمال قدوم السيد بيركب. فقال جوينج: أوه، لقد أردت التأكد لأنني لم أرتد بزتي منذ وقت طويل، ولا بد أن أرسلها إلى المصبغة لكيها. بعد أن غادر جوينج جاء لوبين الذي يتحرق لإسعاد ديزي مولتر وأخذ يعترض وينتقد الترتيبات ذامًا كل شيء حتى دعوتنا لصديقنا القديم كومينجز الذي قال إنه سيبدو في بدلته المسائية كبائع الخضار المنتظر للزبائن، وإنه لن يدهش إن ظنته ديزي مولتر كذلك. عندها غضبت بشدة وقلت: اسمح لي يا لوبين بالقول إن ديزي مولتر ليست ملكة إنجلترا، وأظن أنك أكثر حكمة من أن ترتبط بامرأة م الواضح أنها تكبرك، وأنصحك بالتفكير بكسب قوتك قبل الارتباط بزوجة سيتعين عليك أن تصرف عليها وعلى أخيها غالبًا الذي ليس أكثر من متسكع. وبدلًا من أن يقتنع بنصيحتي، نهض لوبين قائلًا: إن كنت تهين خطيبتي فإنك تهينني، سأترك المنزل ولن أطأه ثانية. خرج من المنزل صافقًا باب الردهة، لكن كل شيء كان على ما يرام، فقد عاد في وقت العشاء ولعبنا حتى الساعة الثانية عشرة. 15 نوفمبر: إنه يوم مشهود، فهذه حفلتنا الأولى التي نقيمها منذ انتقالنا لهذا المنزل. عدت إلى البيت باكرًا، وقد أصر لوبين على إحضار نادل مأجور، لكني أظن ذلك تكاليف لا داعي لها، فقال لوبين إن لديه مبلغًا كسبه من صفقة خاصة في المدينة. آمل أنه لا يقامر بوظيفته الجديدة! بدت غرفة الطعام جميلة جدًا، وقالت كاري إنه ليس علينا ان نشعر بالخجل إن رآها السيد بيركب الذي سيشرفنا بحضوره. ارتديت ثيابي باكرًا لأكون مستعدًا لاستقبال من سيحضر في تمام الساعة الثامنة، وغضبت لرؤية بنطال بزتي الجديدة قصيرًا جدًا. عاب لوبين، الذي أراه يبالغ كثيرًا، عليّ ارتداء حذائي المعتاد بدلًا من حذاء أنيق. فأجبته ساخرًا: بني العزيز، لقد عشت دومًا مترفعًا عن هذه الأمور. فانفجر لوبين بالضحك وقال: نعم مثل رجل يعلو دومًا على حذائه! قد يكون هذا طريفًا وقد لا يكون، ل كني كنت سعيدًا أنه لم يعرف أنه ورث ذكاءه هذا عني! بدت كاري مثل لوحة وهي ترتدي الثوب الذي ارتدته في حفل قصر المحافظة. كان ترتيب غرفة المعيشة مذهلًا. علقت كاري ستائر الموسلين على الأبواب المنزلقة وعلى أحد المداخل لأننا أزلنا الباب من مكانه. وصل السيد بيتر النادل في الوقت المحدد، وأعطيته أوامر صارمة حول عمله الليلة. بدت صورنا المكبرة والملونة جميلة جدًا على الجدران، خاصة أن كاري قد زينت زواياها بشرائط من الحرير. كان جوينج أول القادمين وقد حياني بطريقته المعتادة قائلًا: مرحبًا يا بوتر، لماذا يبدو بنطالك قصيرًا جدًا؟ فقلت: وسيكون صبري قصيرًا أيضًا! فرد: هذا لن يجعل بنطالك أطول، عليك أن تطلب من زوجتك أن تخيط لك بعض الكشاكش عليه! لا أعرف لمَ أضعت وقتي في كتابة ملاحظاتي المهينة في مفكرتي. حضر آل كومينجز تاليًا، فقال كومينجز: بما أنكم لم تذكروا شيئًا عن الثياب فقد جئت نصف متأنق. كان يرتدي معطفًا مشقوق الذيل أسود وربطة عنق بيضاء. وصل آل جيمس والسيد ستيلبروك، لكن لوبين كان متوترًا ولا يطاق إلى أن حضرت ديزي مولتر وفرانك. أدهشنا – كاري وأنا-مظهر ديزي، فقد جاءت مرتدية ثوبًا قرمزيًا مشرقًا بياقة واسعة، ولم أجد هذا ثوبًا مناسبًا، كان عليها أن تتعلم من كاري وتغطي كتفيها بشيء من الدانتيل. جاء السيد ناكلز والسيد سبرايس هوج وبناته الأربع والسيد فرانشينغ وواحد أو اثنين من أصدقاء لوبين الجدد من أعضاء نادي هالواي الكوميدي، الذين كان بعضهم متكلفًا خاصة ذلك الذي كان يقف طوال الأمسية و اتكأ على طاولتنا المستديرة وكسرها. كان لوبين يدعوه بهنري خاصتنا وقال إنه كان قائدهم في النادي وهو جيد بقدر ما كان هاري مولتر، ولم أكن أستوعب ذلك كله! كان هناك بعض الموسيقى، وكان لوبين الذي لم يترك ديزي للحظة يبالغ في مديح غنائها، كانت أغنيتها جميلة، لكنها كانت تقطب وجهها كثيرًا وهي تغني خارج اللحن بالنسبة لي، لم أكن لأطلب منها أن تغني ثانية، غير أن لوبين طلب منها أن تغني أربع أغانٍ واحدة تلو الأخرى. جلسنا لتناول العشاء عند الساعة العاشرة، وقد يخطر لك من طريقة تناول جوينج وكومينجز للطعام أنهما لم يتناولا وجبة منذ شهر. أخبرت كاري أن تبقي شيئًا في حال قدوم السيد بيركب، وأزعجني جوينج كثيرًا بطريقة شربه، وكرر تصرفه حتى خشيت أن يقضي على كل العصير ، حاولت أن أخبئ بعضه لكن لوبين سبقني ووضعه قرب ديزي وفرانك مولتر. بدأ الشباب عبثهم بعد خروجنا، لكن كاري وضعت حدًا لذلك فورًا. غنى لنا ستيلبروك أغنية جميلة ولم أنتبه لاختفاء لوبين وفرانك، فسألت السيد واتسون أحد أعضاء النادي عنهما فقال إنهما يحضران مفاجأة. طُلب من أن نشكل دائرة ففعلنا، ثم قال واتسون: يسرني أن أقدم حمار بلودين الشهير، فدخل فرانك ولوبين الغرفة عندها، طلى لوبين وجهه بالأبيض كالمهرج، وربط فرانك حول خصره بساطًا كبيرًا، كان يفترض أن يكون الحمار وقد بدا كذلك. لقد بالغا في تمثيليتهم الإيمائية الصاخبة وكنا نقهقه بشدة. استدرت فجأة ورأيت السيد بيركب يقف أمام الباب، فقد وصل دون أن نعلم فأومأت إلى كاري واتجهنا للترحيب به، ولم يدخل الغرفة فاعتذرت له عن المشهد الغبي لكنه قال إنها تبدو مسلية، غير أني لاحظت أنه لم يكن مستمتعًا. صحبناه أنا وكاري إلى غرفة الطعام غير أن المائدة كانت كارثة، فلم يبق عليها شيء من العصير أو الشطائر، وقال السيد بيركب إنه لا يطلب شيئًا سوى كأسًا من المياه الغازية لكنها للأسف نفدت، وعرضت كاري عليه شيئًا من العصير فقال مبتسمًا: لا شكرًا، لن أشرب شيئًا، وأنا مسرور جدًا لرؤيتك وزوجك في منزلكما، طابت ليلتك سيدة بوتر، وأرجو أن تغفري لي مروري القصير. فأوصلته إلى عربته فقال لي: لا تتعب نفسك بالقدوم إلى المكتب قبل الثانية عشرة غدًا.شعرت بالخيبة حين عدت إلى المنزل وأخبرت كاري أنني أظن الحفلة فاشلة، لكنها قالت إنها ترى العكس، وإنني كنت متعبًا فقط وأصرت على أن أشرب بعض العصير، فشربت كأسين وشعرت ببعض التحسن، ودخلت غرفة المعيشة ووجدتهم بدؤوا بالرقص، فرقصنا أنا وكاري قليلًا وهو ما ذكرني بالأيام الخوالي فقالت: يالك من عجوز حساس! - ترجمة/ بثينة الإبراهيم (بتصرّف)