بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يصادف يوم السادس والعشرين من شهر حزيران - يونيو من كل عام يشرف الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب أن تشارك الهيئات والمنظمات المعنية بمكافحة المخدرات والأسرة الدولية كافة الاحتفال بهذا اليوم وتعزيز برامج التوعية بالأخطار والتحديات التي تواجه المجتمعات للقضاء على سموم آفة المخدرات وللحيلولة دون انتشارها. إن التحديات التي نواجهها اليوم تدعونا لأن ندعم ونؤازر المجتمع الدولي في سعيه الدؤوب لمواجهة انتشار المخدرات على الساحة الدولية وما يستجد على المستوى العالمي من تطورات خطيرة في مجال المواد المخدرة المنتشرة بمسميات وأشكال مختلفة، فقد تعالت الأصوات ودقت نواقيس الخطر للوقوف وقفة جماعية صلبة أمام هذا التحدي الخطير الذي لا يزال العالم يحاول جاداً العمل على الحد من انتشاره فالمخدرات والمؤثرات العقلية لا زالت تجد طريقها إلى الانتشار بين الشعوب ناميها ومتطورها على حد سواء، خاصة في فئة الشباب الذين هم الأكثر استهدافاً من قبل تجار ومروجي المخدرات، وهو ما يجعل الآلاف من الشباب يموتون سنوياً بسبب تعاطيهم لهذه السموم القاتلة علاوة على أن هناك أعداداً مهولة من مختلف فئات المجتمع مصابون بفيروس الإيدز والكبد الوبائي بسبب تعاطيهم للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية عن طريق الحقن. ويشكل الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات مناسبة للتذكير بالجهود المبذولة من قبل مجلس وزراء الداخلية العرب في محاربة هذه الآفة بشتى الطرق وتدعيم التعاون بين الدول العربية لإيجاد الحلول المناسبة لمعالجة الآثار الناجمة عنها والعمل قدر الإمكان على خفض العرض والطلب غير المشروعين على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتقييم ما تم انجازه من استراتيجيات وخطط وبرامج لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية. ونظراً للأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية ولكون مشكلة المخدرات عالمية الملامح والأبعاد بسبب انتشارها الواسع عبر الدول والقارات وهيمنة العصابات المنظمة على تجارتها فإن تحدياتها المتزايدة يوماً بعد يوم تداهم دولنا أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي يحتم علينا اتخاذ خطوات سريعة لتوحيد الجهود وتطويرها من خلال التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة المخدرات وجميع الأجهزة الرسمية والشعبية، ليس على الصعيد الوطني فحسب بل على كافة الأصعدة العربية والإقليمية والدولية حتى يتسنى لنا مواجهتها وشل حركة تجارها ومهربيها. فمجلس وزراء الداخلية العرب ما فتىء يواصل سعيه للتنسيق بين كافة الدول العربية للحد من آفة المخدرات وإيجاد الوسائل الكفيلة لمعالجة المشكلة بجوانبها المختلفة من حيث الوقاية والتوعية والمكافحة وعلاج المدمنين وتعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني لتلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في هذا المجال من خلال أنشطتها المتنوعة التي يجب أن تساهم في توعية المواطن العربي بأضرار المخدرات والمؤثرات العقلية، وفي غرس القيم الدينية والإنسانية والوطنية في نفوس شبابنا العربي. ولا يسعنا في هذا اليوم إلا أن ندعو الأسرة العربية إلى أن تأخذ الحيطة والحذر تجاه الخطر الذي بات يهدد كياناتنا المجتمعية من خلال توعية أبنائها للحيلولة دون وقوعهم فريسة للمخدرات وتركيز التربية الصالحة والتنشئة الاجتماعية السليمة لحماية أبناء وطننا من سلوكيات الانحراف وتكوين جيل واع محصن ضد كل أنواع الإجرام، وبهذا نكون قد ساهمنا فعلاً في الحد من انتشار آفة المخدرات وبناء الوطن والأمة. ولا ننسى هنا أن نذكر بضرورة مساعدة الذين وقعوا فريسة المخدرات وانتشالهم من الخطر الذي يهدد صحتهم وحياتهم ومؤازرتهم للعودة إلى الرشاد وضبط النفس وتعزيز الإرادة القوية الشجاعة لأن ذلك هو الطريق الأمثل والسليم للخروج من الواقع المؤلم الذي يعانيه مدمن المخدرات. فلنسع جميعاً بكل حزم وعزم إلى مواجهة هذه الآفة القاتلة التي لا تفرق بين مجتمع وآخر ولا دولة وأخرى تنعكس سلباً على الجميع فسماسرة الموت من المتاجرين بها ومروجيها لا يقيمون للأخلاق وزناً، ولا يحسبون للإنسان وجوداً همهم الوحيد الكسب المادي غير المشروع على حساب أرواح البشر فالمسؤولية جماعية والواجب مقدس والهدف سام والوصول إلى مجتمعات خالية من المخدرات مطلب نبيل يشكل تحصين الفرد أهم مقومات النجاح فيه.