لا شك أن إعلان مجلس الوزراء عن الموافقة على فرض رسوم على الأراضي البيضاء بعثر أوراق الكثير من المستفيدين من احتكار الأراضي ومن ارتفاع الأسعار وكان رداً على كل من شكك في قدرة الحكومة على خفض أسعار العقار وحل أزمة الإسكان وهذا ما جعل البعض يشن هجوم على هذا القرار. بعض منتقدي هذا القرار يحمل دكتوراه في الاقتصاد وبعضهم سمى نفسه بالخبير أو المختص، واتفقوا جميعاً على نقد هذا القرار ونقد من طالب به وأن القرار غير مجدٍّ اقتصادياً ولن يحل أزمة الإسكان ولكنه فقط لإرضاء المطالب الشعبية، بل واتهموا من طالب بهذه الرسوم بأنه متسلق على اكتاف البسطاء وطالب شهرة. لكن المشكلة هنا ليست في اختلاف الرأي ولا في انتقاد القرار ولكن المشكلة في انتقاد قرار حكومي شعبي بجهل، ولو كان على علم وبصيرة فإن الانتقاد في محله لأنه سيفتح آفاقاً أخرى للنقاش والمراجعة. المنتقدون للقرار لخصوا أسباب الموافقة على الرسوم بأنها مطالب شعبية على تويتر وفي الأعلام، وكأن الحكومة صورت بعض التغريدات وبعض المقالات ورفعتها إلى مجلس الوزراء وبناء عليها أقر مجلس الوزراء هذا القرار!! والحقيقه مختلفه تماماً، حيث إن هذا القرار مدعوم شرعياً واقتصادياً والعمل جارٍ على دراسة هذا القرار منذ أكثر من ثلاث سنوات وعبر عدة ورش عمل مع مسؤولين واقتصاديين معتبرين وتمت دراسته من قبل أكثر من جهة استشارية أحدها الأكبر في العالم في الاستشارات الاقتصادية، كما تم الاطلاع على تجارب دول العالم في هذا المجال، وتم إعداد إستراتيجية متكاملة لحل أزمة الإسكان وتنظيم السوق العقاري، وعمود هذه الإستراتيجية هو فرض رسوم، وبناء عليه تمت موافقة مجلس الوزراء على القرار، وليس كما ذكر البعض بأنه مطالب شعبية. وقد أثنى صندوق النقد الدولي على القرار وذكر بأنه سيوفر مساكن بأسعار مناسبة، كما أصدر الأهلي كابيتال تقرير ذكر فيه بأن الرسوم ستخفض أسعار الأراضي وستغلق الفجوة بين العرض والطلب وستوفر مساكن بأسعار ميسرة. ولذلك فإن أي انتقاد لهذا القرار هو ليس اختلاف في الرأي وأنما ينم عن جهل أو عن تضارب مصالح، ومن يريد أن ينتقد هذا القرار بعلم ولديه أرقام وأدله وأسباب منطقية فليقدمها، ولكن للأسف إلى الآن لا نرى أسباب منطقية لانتقاد القرار غير خدمة المصالح الشخصية، بل إن أحد المبررات لعدم فرض الرسوم كما أورده أحدهم في مقال، هو أن الرسوم ستزيد المعروض وبالتالي ستزيد المساكن وتزدحم المدن. لا يخفى على عاقل أهمية القرار والآثار الإيجابية منه إذا ما تم وضع آلية جيدة له حيث إنه سينظم السوق العقاري وسيوقف استنزاف مدخرات جميع شرائح المجتمع بسبب الارتفاعات الجنونية وسينهي أزمة الإسكان، وإذا كان التسلق على اكتاف البسطاء وطلب الشهرة سيحقق هذا الهدف فهوا شرف نسعى إليه. ولذلك نحن ندعم القرار ونتمنى إنهاء الآلية بشكل عاجل كما نص قرار مجلس الوزراء.