أبدى عدد من الاقتصاديين والمهتمين بأزمة السكن السعودية، تفاؤلهم بموافقة مجلس الوزراء - أمس - على قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، معتبرين القرار أحد أهم القرارات التي تخدم المواطنين. وأكد مختصون أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء «غير المستثمرة» سينهي احتكار الأراضي ذات المساحات الكبيرة داخل النطاق العمراني للمدن، مطالبين في الوقت نفسه بتأسيس قاعدة بيانات مرتبطة بوزارة العدل عن تلك الأراضي لسهولة تطبيق الرسوم، متوقعين ان القرار سيسهم في خفض أسعار العقار بنسبة 50%. وقدر اقتصاديون حجم الأراضي البيضاء المتوقع فرض رسوم عليها بنحو 4 مليارات متر مربع، مؤكدين ان مساحة الاراضي غير المستغلة في الشرقية تبلغ 65 % وفي منطقة الرياض 60 % وفي المنطقة الغربية تقريبا 70 % . وأكدالدكتورعبدالله المغلوث عضو لجنة الاستثمار والاوراق المالية في غرفة الرياض ان هذا القرار جاء ليسهم في كبح الأراضي السكنية المرتفعة والملتهبة ويضع حدا لاطماع بعض ملاك تلك المساحات التي لا يستفاد منها ولا تحسب إضافة في الاقتصاد الوطني. وقال : إن موافقة مجلس الوزراء تؤكد اهتمام الحكومة بالمواطنين خصوصا الذين يعانون ارتفاع أسعار الاراضي وشحها لدى محتكري المساحات الكبيرة. مضيفا ان القرار صائب وسليم ويشجع أصحاب ملاك مساحات الاراضي البيضاء إما على البيع أو التطوير أو بناء وحدات سكنية كون هناك فجوة كبيرة في شُح المساكن وقلتها. مؤكدا ان هناك قروضا عقارية تنتظر أصحابها، لكن مع الأسف لايجدون أراضي بأسعار معقولة ومتوافرة وهذا القرار سوف يساعدهم في توافر تلك المساحات وبأسعار منطقية. وأوضح المغلوث ان هذا القرار سوف يضغط على العقاريين وملاك المساحات الكبيرة ويساهم في وجود انواع جديدة من الاستثمارات العقارية ومنتجات تساعد كافة شرائح المجتمع للاستفادة منها. فعلى سبيل المثال: هناك مساحات داخل النطاق العمراني 60 بالمائة أراض بيضاء، وكذلك بالمنطقة الشرقية 70 بالمائة داخل المدن لم يستفد منها. اذا قرار فرض الرسوم جاء ليواكب مفهوم عرض الاراضي كي تستفيد منه الشريحة الكبيرة من المواطنين الذين لا يمتلكون مساكن بأسعار معقولة. وقال الاقتصادي عصام الزامل في تعليقات له على القرار : «لن أبالغ إذا قلت : إن هذا أحد أهم القرارات الاقتصادية في تاريخ السعودية، أثره سيمتد على كل القطاعات دون استثناء». وأضاف : «الضرر الجسيم الذي تسبب فيه احتكار الأراضي لا يعلم حجمه إلا الله، لم يقتصر الضرر على ارتفاع أسعار السكن، ولكن أثر سلبا على كل الحركة الاقتصادية». وقال : «بعد أن كانت الأراضي تمرض ولا تموت، الآن.. هذه الأراضي ستموت حتى لو لم تمرض». وتعبيراً عن سعادته بالموافقة على القرار، قال : «عندما تتحول الأحلام إلى واقع.. رسمياً فرض الرسوم على الأراضي البيضاء». من جهته، أشار الكاتب والمحلل الاقتصادي خالد البواردي، إلى أن القرار سيزيد دخل المواطن بطريقة غير مباشرة بنسبة 30٪، بتوفير سكن وتوفير قيمة الإيجار ، وقال : «يبدو أن مسيرة الإصلاح جادة.. وانتصرت المصلحة العامة على مصلحة المتنفذين». وأضاف : «ستكون الأراضي البيضاء جمرة تشتعل في يد صاحبها، إما بالبيع أو التطوير؛ وسيزيد العرض وتنخفض الأسعار». واختتم بقوله : «موازين القوى اختلفت.. القوة في يد المشتري الآن، وليس في يد محتكري الأراضي». فيما طالب عضو لجنة المقاولين بالغرفة التجارية الصناعية بالشرقية محمد برمان اليامي بتحديد آلية تمنع ملاك المخططات الكبرى من التحايل على النظام في حال إقرار فرض الرسوم. وقال اليامي : «لا بد من اصدار نظام جديد يتيح للمشتري الاستفسار عن مساحات الأراضي ومعرفة موعد تحصيل الرسوم»، هذا النظام يجب أن يرتبط مع الجهات المعنية في البلاد التي أهمها وزارتا الاسكان والعدل. وأضاف : «آلية تحديد الرسوم ستلعب دورا بارزا في إنجاح التنظيم في حال إقرار النظام»، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة الاستفادة من الخبرات الدولية في تطبيق النظام، مطالبا في الوقت نفسه بالسماح ببناء الادوار العليا وفقا للمساحات المتاحة، موضحا : «لا بد من مراعاة أنظمة المواقف داخل المدن». وطالب اليامي بتطبيق الرسوم بشكل فوري على المخططات التي تزيد مساحتها على 10 آلاف متر مربع، ووضع تنظيم للمساحات الأقل، في خطوة يهدف من خلالها إلى منع ملاك المخططات الكبرى من التلاعب في المساحات بعد صدور القرار. وقدر اليامي حجم الاراضي البيضاء المتوقع فرض رسوم عليها بنحو 4 مليارات متر مربع، مؤكدا ان 65 % من الاراضي في المنطقة الشرقية غير مستغلة و65% من منطقة الرياض و70% من أراضي المنطقة الغربية غير مستغلة. وثمن ردن بن صعفق الدويش رئيس شركة الحاكمية للتطوير العقاري قرار فرض الرسوم، وقال : «لا شك أن قرار مجلس الوزراء أمس بشأن إقرار رسوم على الاراضي البيضاء قرار في صالح المستهلك وطالبي السكن كونه يزيد كمية العرض ويحول الاراضي البيضاء المجمدة التي كان ينظر لها على أنها وعاء استثماري غير مكلف إلى وعاء مكلف ما سيجعل الكثير من المستثمرين يتجهون للاستغناء عنها أو تطويرها ببناء وحدات سكنية أو تجارية وهو ما سيزيد المعروض ويخفض أسعار الوحدات المتضخمة». وأضاف الدويش»مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، وموافقة مجلس الوزراء على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل يأتي ضمن السياسة التي تتبناها الدولة - حفظها الله - لحل مشكلة السكن وهو سيخفض التكلفه المعيشية على المواطنين بنسبة كبيرة، ونسأل الله - تعالى - أن يطرح البركة في تلك القرارات». وحول انعكاس ذلك على أداء ومشاريع شركات التطوير العقاري قال الدويش : « هو قرار في صالح المطورين العقاريين فتكلفة الأرض حالياً كبيرة على الشركات التي ترغب في بناء مشاريع كبيرة وذلك ينعكس على قيمة الوحدة النهائية. وحسب التقديرات فإن الارض تكلف بأسعارها الحالية اكثر من 50% من قيمة المشروع وانخفاضها سيؤدي إلى انخفاض تكلفة المشاريع وبالتالي انخفاض تكلفة الوحدات والإيجارات». وذكر المهندس عبدالله الاحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة ان اقرار آلية فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق السكني لن يرفع سعر العقار، وإنما هي فرصة لأصحاب العقارات لتصريف تلك الأراضي أو استغلالها بالطريقة المناسبة. مؤكدا أن فرض الرسوم سيتسبب في خفض العقار سواء كان بيعا أم تأجيرا بما نسبته 30 بالمائة من القيمة الاجمالية. وقال الاحمري : إن السوق العقارية تمر منذ عامين بركود وعزوف من قبل بعض المواطنين على شراء العقار لانتظارهم مشاريع الإسكان، وبناء الوحدات والحصول على الأرض والقرض. منوها بأن وزارة الإسكان أعطيت ما لم تعط غيرها من الوزارات لأن المواطن لا بد أن يوفر له - بالدرجة الأولى - المسكن والغذاء والدواء. كما أن وزارة الإسكان لديها تعليمات وتوجيهات من قبل الدولة للعمل جاهدة، لكنها تسير ببطء، ولو استعانت بشركات عالمية لإتمام الإسكان بصورة أفضل، لكان خيرا. وتابع حديثه بأن الأراضي البيضاء المجمدة التي تشغل مساحات شاسعة من المدن تعرقل الاستثمار السكني والتجاري في هذه المدن وتسبب رفع أسعار العقار خلال السنوات الاخيرة. مشيرا إلى ان قرار المجلس يساعد على تفعيل الاستثمار في الاراضي البيضاء وهذا بدوره سيخفض أسعار العقار. من جهته أوضح المهندس عبدالعزيز العزب عضو اللجنة العقارية بمجلس الغرف السعودية ان قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني قرار صائب وحكيم والمطالب العقارية كانت ننتظره منذ سنوات. معتبرا انه قرار محفز وداعم لتشغيل تلك الأراضي الجامدة التي شوهت المنظر الحضاري للمدن وأصبحت مواقف للسيارات المعطلة ومرمى للنفايات ومصدر ازعاج للسكان. وقال المهندس العزب : إن الأراضي البيضاء ستتطلب بعد أن يتجاوزها المد العمراني توصيل الخدمات العامة لها في حالة أراد المالك تشغيلها أو الاستفادة منها وقت ما يشاء وهذا سيكون على حساب البنية التحتية المعدة مسبقا للمدن. وأنادي أصحاب الأراضي بأن يسارعوا بالقيام باستثمارها أو تخطيطها أو بيعها لمن يستطيع القيام بذلك لتجاوز الأضرار التي تتسبب فيها تلك الأراضي للسوق العقاري بشكل عام وللمدن وسكانها بشكل خاص. نص قرار وافق مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز. كما وافق المجلس على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى، لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل.