شرم الشيخ - الجزيرة - محمد الرماح وعلي فراج - وكالات: اختتم وزراء الخارجية العرب مساء أمس الخميس بمدينة شرم الشيخ أعمال اجتماعهم التحضيري للقمة العربية العادية السادسة والعشرين المقرر عقدها غدا السبت برئاسة مصر. وأقروا خلال الاجتماع مشروعات القرارات التي سيتم رفعها للقادة العرب وعلى رأسها إنشاء قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومي العربي. وتم التوافق على إنشاء هذه القوة العسكرية للاضطلاع بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا للأمن القومي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية. وكان وزراء الخارجية العرب اجتمعوا أمس الخميس في شرم الشيخ للتحضير لأعمال مجلس جامعة الدول العربيةعلى مستوي القمة في دورتها ال26 العادية المقررة غدا السبت، وذلك برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وتم خلال أعمال هذا الاجتماع اعتماد مشروع جدول الأعمال ومناقشة بنوده، وفي مقدمتها موضوع صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الجماعات الإرهابية المتطرفة، بالإضافة إلى مستجدات القضية الفلسطينيةوالعراقوسوريا واليمن، كما اعتمد الوزراء في جلسة مغلقة مشروعات القرارات التي سترفع إلى القادة العرب في قمتهم المقررة غدا السبت، وقد سبق الاجتماع جلسة تشاورية عقدها وزراء الخارجية للبحث في مشروع جدول الأعمال وآخر المستجدات والتطورات في المنطقة العربية بهدف التوافق حولها. شارك في الاجتماع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ووزير خارجية مصر سامح شكري، وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وناصر جودة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، والشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، ورمطان لعمامرة وزير الشؤون الخارجية الجزائري، ومحمود علي يوسف وزير الخارجية والتعاون الدولي بجيبوتي، وعلي أحمد كرتي وزير الخارجية السوداني، وعبدالسلام هدليه عمر وزير الخارجية الصومالي، كما شارك في الاجتماعات الدكتور إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي، ويوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان، ورياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني، وخالد العطية وزير الخارجية القطري، والعارف سيد حسن وزير العلاقات الخارجية والتعاون بجزر القمر، والشيخ صباح خالد الحمد الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، وجبران باسيل وزير الخارجية اللبناني، ومحمد الدايري وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، وصلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، وفاطمة فال بنت اصوينع وزيرة الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانية، والدكتور رياض ياسين عبدالله وزير الخارجية اليمني. في البداية أكد وزير الخارجية المصري في كلمته أن الأمن القومي العربي كان وما زال يواجه تحديات كبيرة تتعلق باستعادة دور الدولة في المنطقة للحيلولة دون توسع الصراعات والنزاعات الطائفية، التي ضاعفت التحدي الذي يمثله خطر الإرهاب، الأمر الذي يستدعي اعتماد إجراءات وتدابير فاعلة للتصدي لهذه الظاهرة وتجفيف منابِعها، مع مراعاة ألا تقتصر مجابهتنا لهذه الآفة المدمرة على البعدين الأمني والعسكري. وقال إن «ما تشهده الساحة اليمنية من تطورات بالغة الخطورة لم تكن لتقف عند حدود اليمن إن لم يتم تداركها من خلالِ تحرك سريع وفاعل، مؤكداً أن الموقف المصري من الأزمة هناك يقوم على رفض القفز على الشرعية وفرضِ سياسة الأمرِ الواقع بالقوة، ولذا فإن دعم مصر أكيد لمؤسسات ورموز الدولة الشرعية.. التي يتعين تمكينها من القيام بمسؤولياتها القومية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية ومصالح شعب اليمن». وأضاف» لقد شهد اليمن اضطرابات سعى على إثرها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي بدعم من القوى اليمنية الوطنية لصياغة مبادرة هدفت لوضع اليمن على طريق الاستقرار والتحول الديمقراطي، إلا أن بعض المتآمرين في الداخل والطامعين في الخارج أرادوا اختطاف اليمن وتحدي إرادة أبنائه وإقصاءهم، فكان لزاماً على ائتلاف من الدول العربية من منطلق التضامن مع شعب اليمن ورئيسه، وإنفاذاً لإرادته المتمثلة في التوافق على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، كان لزاماً عليها أن تلبي نداء الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته، وقد أعلنت مصر عن دعمها سياسياً وعسكرياً، وكذلك عن ترتيب المشاركة مع الائتلاف العربي بقوة جوية وبحرية مصرية وقوة برية إذا ما لزم الأمر، على ضوء مسئولية مصر التاريخية والراسخة تجاه الأمن القومي العربي وأمن الخليج العربي». واستطرد قائلا «لا تزال قضيتنا المركزية.. فلسطين.. في صدارة جدولِ أعمالنا، فستظل القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتنا وشواغلنا.. حتى يتحقق السلام الشامل والعادل في المنطقة.. الذي سيكون نتيجة لتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد كامل حقوقه الثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية، لن يهدأَ بالنا حتى تتحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، وفي طريق الوصول لهذه الغاية العادلة، لا بد من مواصلة الضغط حتى ينهض المجتمع الدولي بمسئولياته للوقوف بصرامة أمام السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تقوض الأمل في حل القضية الفلسطينية». وقال شكري «إن وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني سيستمر على المستويات كافة، ومن هنا جاءت استضافة مصر لمؤتمر إعادة إعمار غزة في أكتوبر الماضي، إننا نجدد دعوتنا للدولِ المانحة للوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها خلال هذا المؤتمرِ، بغية تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يمر بها أهلنا في قطاع غزة». وأكد شكري أنه «غني عن البيان دواعي اهتمام مصر البالغ بما يدور على الأراضي الليبية، فلا يمكننا الصمت إزاء تصاعد وتيرة الاقتتال.. وما يرتبط به من استفحال للتنظيمات الإرهابية.. في دولة جوار نشترك معها في حدود برية وبحرية. وأضاف «موقفنا واضح جلي عبّرنا عنه في مختلف المناسبات، نعترف بشرعية البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، فهما الجهتان الممثلتان للإرادة الحرة للشعب الليبي من خلال انتخابات لم يقدح أحد في نزاهتها، ونرى ضرورة دعم هذه الحكومة الشرعية لتتحمل المسئوليةَ الملقاة على عاتقها تجاه الشعب الليبي من ناحية، وتجاه الأمن الإقليمي من ناحية أخرى، وذلك لحين تشكيل حكومة الوحدة المأمولة وحصولها على ثقة مجلس النواب».وتابع «وأما عنِ الحوارِ السياسي الجاري برعاية أممية بغية التوفيقِ بين الفرقاء الليبيين ممن قبلوا الانخراط في العملية السياسية واختاروا نبذ العنف منهجاً، فالدعم كل الدعم لهذه العملية السياسية حتى تتحقق أهدافها.. وتعكس نتائجها التوافق المأمول.. وتحفظ لليبيا وحدة أراضيها.. وتبدأ في العمل على الاستجابة لتطلعات الشعب الليبي. وشدد الوزير على أنه لا اختلاف على وصف الوضع في سوريا بالمأساوِي، فهذا وصف استقر الجميع عليه منذ تعمقت الأزمة السورية، مشيرا إلى أن مصر انخرطت عبر أدواتها الدبلوماسية في كلّ الجهود الرامية إلى التوصلِ لحل سياسي يسطر نهاية لهذه الأزمة ويحفظ وحدة وسلامة سوريا ويحقق تطلعات الشعب السوري المشروعة. وأضاف «واستمرارًا على ذات الخط واضطلاعاً بما يمليه علينا الحس العربي من مسئولية تجاه سوريا وشعبِها، فإن مساعينا تتجه خلال المرحلة الحالية نحو فتح المجال لتعبير قُوى المعارضة الوطنية السورية بشكل موسع عن رؤيتها للحل السياسي المقبول، ونأمل الوصول إلى هذه المحطة المركزية على طريق الحل السياسي الشامل من خلال الاجتماع الثاني لقُوى المعارضة الوطنية السورية الذي ستستضيفه القاهرة في الربيع الحالي».وقال إنه وفي هذا السياق ندعو المجتمع الدولي والدول المؤثرة على الوضع في سوريا، للعمل وفق إرادة سياسية حازمة على الدفع بالحل السياسي في إطار وثيقة جنيف. وأضاف أن مستقبل الأمة العربية مرتبط في السنوات القادمة بمدى نجاحنا في التعامل مع التحديات التي نواجهها اليوم في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتشابك، فقد فرضت القضايا العربيةُ الساخنة نفسها وبقوة على جدول أعمال هذه القمة، وهي قضايا تتعلق جميعها بالأمن القومي العربي الجماعي بشكل مباشر أو غير مباشر. والأمل يحدونا في أن تصدر عن هذه القمة قرارات تتضمن تحركات عربية جماعية تتسم بالفاعلية والتأثير والجرأة والسرعة. وأوضح أنه وفي هذا الصدد، فقد طرحت مصر إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تكون قادرة على التعامل مع هذه التحديات تجسيداً لإراداتنا الجامعة بشكل عملي، وتأكيداً على امتلاك العرب لمصيرهم وقدرتهم على حماية أمنهم القومي بإمكاناتهم الذاتية، ونأمل أن تتخذ قمتنا هذه القرار المناسب في سبيل تفعيل هذه المبادرة. وأكد وزير الخارجية المصري في ختام كلمته على أن المرحلة الحالية مليئة بالفرص كما هي مليئة بالتحديات، وكلي رجاء أن تكون هذه القمة العربيةُ بمثابة بداية لمرحلة جديدة من تاريخ أمتنا العربية يحفها الأمل في مستقبل أفضل يكون مبعث فخر واعتزاز للأجيال المقبلة. من جانبه، أشار وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح إلى أن بلاده بذلت بصفتها رئيساً للقمة العربية، وبمشاركة أشقائها العرب جهوداً واضحة في دعم القضيةالفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، سواء من خلال اجتماعات اللجنة الوزارية لمتابعة مبادرة السلام العربية، التي عقدت 5 اجتماعات لها خلال العام الماضي، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو عبر المشاركات الإقليمية أو الدولية أو من خلال اللقاءات الثنائية مع المسؤولين في الدول الصديقة لإبراز الموقف العربي المتضامن والداعم لقضية العرب الأولى «القضية الفلسطينية». ونوّه بأن دولة الكويت قامت بالمشاركة ضمن الوفد الوزاري العربي الذي قام بزيارة إلى الاتحاد السويسري والجمهورية الفرنسية والمملكة المتحدة، حيث تم الالتقاء بالعديد من المسؤولين هناك لدعم الجهود العربية الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبحث سبل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أنه قام بزيارة إلى دولة فلسطين للقاء الرئيس الفلسطيني للتعبير عن الدعم الكامل لفلسطين في إقامة دولة مستقلة والرفض التام للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة كافة. وقال الصباح «إن الكويت قامت أيضاً، وبالتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بتوجيه رسائل إلى الدول الأعضاء كافة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحثهم على دعم مشروع القرار العربي، الذي جاء تحت عنوان (القدرات النووية الإسرائيلية)، الذي يطالب إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، باعتبارها الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم تنضم إلى المعاهدة، وذلك لضمان إخلاء المنطقة بالكامل من الأسلحة النووية.وأضاف أن بلاده قامت بترؤس وفد وزاري عربي قام بزيارة إلى العراق للتعبير عن الدعم العربي الكامل للحكومة العراقية في جهودها لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع العراق وتحقيق تطلعات الشعب العراقي في مستقبل أكثر نمواً وازدهاراً.ولفت إلى أن الوفد العربي قام بزيارة أيضاً إلى السودان للتأكيد على التضامن العربي معها من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعه ومساندته في مواصلة الخطوات الرامية لترسيخ أواصر الاستقرار على الصعيدين السياسي والأمني، كما قام الوفد العربي بزيارة لبنان من أجل التأكيد على الموقف العربي المتضامن في مساعيه لإعادة الأمن والاستقرار فيه ودعمه في مواجهة الأعباء الثقيلة نتيجة النزوح الكبيرة للأشقاء السوريين إلى أراضيه.وبيّن وزير خارجية الكويت أنه فيما يخص إصلاح منظومة الجامعة العربية فقد قدمت اللجنة مفتوحة العضوية برئاسة الكويت تقريرها المبني على جهود الفرق الأربعة العاملة لتطوير الجامعة العربية وأجهزتها المختلفة، حيث ترأست دولة الكويت اللجان المتعلقة بتطوير العمل الإداري والمالي ودراسة وضع مكاتب ومراكز جامعة الدول العربية في الخارج، كما ترأست دولة الكويت اجتماعي لجنة متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن قمة الكويت ال25، وحرصت على ترجمة تلك القرارات على أرض الواقع، وذلك دعماً لمسيرة العمل العربي المشترك. وأشار الصباح إلى الكارثة الإنسانية السورية التي تدخل عامها الخامس، موضحاً أنها حصدت مئات الآلاف من الأرواح وأدت إلى تهجير وتشريد ما يجاوز نصف سكان سوريا أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي ما زال يقف عاجزاً عن إيجاد حل لهذه المأساة الإنسانية. وتابع «إنه في الآونة الأخيرة من خلال الاجتماعات التي عقدت -مؤخراً- في موسكووالقاهرة، برزت مؤشرات إيجابية علاوة على الخطة المقدمة من المبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا من أجل إنقاذ الشعب السوري من أتون هذه الحرب المستعرة». كما أكد أن تطورات الوضع في ليبيا وما تتعرض له البلاد من اقتتال مستمر هو مبعث قلق ويدعونا إلى التأكيد على ضرورة تضافر المساعي والجهود كافة الهادفة إلى إعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، مشيدا بالمساعي التي يقوم بها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليو، والجهود القيمة لممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية الخاص بليبيا ناصر القدوة، إضافة إلى المبادرات التي تقوم بها دولتا المغرب والجزائر.