جاء اختيار الأمير محمد بن سلمان مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين, ورئيساً للديوان الملكي, ووزيراً للدفاع؛ من أجل المراهنة على عنصر التحديث للدولة السعودية, والمضي بها قدماً على طريق التنمية, مع ضرورة إدخال المفاهيم الإدارية في الأعمال ذات الطابع الاقتصادي, التي ستظل كما كانت هي أولويات السياسة السعودية؛ رعاية لكيان الدولة, ومستقبلها؛ وضماناً لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها؛ خدمةً للبلاد, والعباد. وهي ما ستشهده المرحلة المقبلة من سرعة في الأداء, والإنتاج, بعيداً عن بيروقراطية العمل الإداري البطيء. ثم إن اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب, دليل على قدرة الملك سلمان في تعيين محمد بن سلمان رئيساً للمجلس الاقتصادي, والتنموي؛ فجاء منسجماً مع وعيه, وكفاءته, الذي سيعزز مكتسبات التنمية الاقتصادية, وبما يحقق التنمية الشاملة, والمستدامة للمملكة -في الفترة المقبلة-، خصوصاً أن المرحلة التي نعيشها اليوم تمر بالكثير من التحديات الاقتصادية, والتنموية, سواء على المستوى المحلي, أو الإقليمي, أو الدولي. ومع أن السياسة الخارجية السعودية تمتّعت -ولا تزال- بقدر كبير من الاستقرار, لاسيّما في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية منذ العام 2011م, فإن الأنظار ستتطلع إلى ما سيقدم عليه الأمير محمد من خيارات تنويع الاقتصاد, واستمرار سياسات التحديث, وفق صفة الانفتاح الاقتصادي, وعدم الاعتراف بمبدأ الحدود, أو غياب عامل البعد الزمني والمكاني؛ لترتفع مخرجات الإنتاج فوق كل سلبيات التحليلات المغرضة والتوقعات اللئيمة. إن محور التغيير الأبرز, كان عن فحوى وتأثير اختيار الأمير محمد بتخصصه القانوني, وخبرته الإدارية, وملازمته لوالده الحكيم, كونه قادراً على رسم ملامح المستقبل برؤية معاصرة للأحداث، فالدولة بحاجة إلى ضخ الدماء الشابة, وتمكينهم من التأثير على إدارة دفة الاقتصاد, ضمن إطار تحمل المسؤولية, والمحافظة على الحاجات الإصلاحية, والتنموية, التي ستجعل منها العامل الأبرز فيما يتعلق بالقضايا الكبيرة, وطويلة الأمد, التي تواجه الدولة السعودية. في المقابل, فإن الأخذ بيد المبادرات, والتشجيع على الإبداع، بما يضمن استدامتها, ونموها؛ للمساهمة في بناء العقل البشري, وكذلك حب سموه لفعل الخير، والعمل الإنساني، سيراً على درب والده, فإنني سأشير في نهاية المقال إلى مؤسسته الخيرية «مسك» التي أسّسها سموه، التي تكرِّس أهدافها لرعاية وتشجيع التعلم, وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب؛ من أجل مستقبل أفضل للبلد؛ ولتحقيق ذلك ركزت المؤسسة اهتمامها على الشباب في أنحاء البلاد، ووفرت وسائل مختلفة لرعاية وتمكين المواهب والطاقات الإبداعية, وخلق البيئة الصحية لنموها، والدفع بها لترى النور, واغتنام الفرص في مجالات العلوم, والفنون الإنسانية؛ دعما لركائز المعرفة لمجتمعنا في المستقبل القريب، وذلك من خلال تمكين الشعب السعودي نحو التعلم كوسيلة للتطوير, ودفع التقدم في الأعمال التجارية، والجوانب التكنولوجية, والأدبية, والثقافية, والاجتماعية لأمتنا. إن مؤسسة «مسك الخيرية»، التي أنشأها سمو الأمير محمد بن سلمان، تسعى لبلوغ هذه الأهداف من خلال خلق البرامج والشراكات مع المنظمات المحلية والعالمية في مختلف المجالات، وكذلك مع مجموعة متنوعة من الحاضنات، حيث تستثمر «مسك الخيرية» في تطوير رأس المال الفكري, وإطلاق طاقات الشباب السعودي، وتؤمن أن الحضور المؤسسي لها, يمكن أن يدعم تعزيز الجهود نحو مجتمع قائم على المعرفة؛ سعيا لتحقيق الإنجاز والقيمة المضافة للمجتمع السعودي، كما أن المبادئ التوجيهية لدينا هي الالتزام، والأثر، والنزاهة. ونحن إذ نبارك لسمّوه ثقة والده الكبيرة بتعيينه في هذه المناصب المهمّة, فإننا نسأل الله -جلّ في علاه- أن يوفقه للخير, وأن يعينه على هذه المسؤوليات الجسام بالسداد, والخير لما فيه مصلحة البلاد والعباد, التي هو أهل لها. ونحن بهذا الإطراء -أيضاً- لم نبالغ في قراءة الحقائق, بل أشرنا بشيء مما علمنا, ونُقل إلينا من حكمة سموه في العلاقات الإنسانية, وتواضعه في موقع المسؤولية, وحزمه في إصدار القرار الإداري في إطار السلوك المتعقّل والمتوازن في التصرف. عبد الله بن علي الشائب - وزارة التعليم