بعد حوالي أربعة عقود من الزمن صال وجال خلالها في فنون الشعر «قلطة وعرضة ونظماً»، وأجادها جميعاً بشهادة الشعراء, وجاء الوقت الذي يُكرم فيه من أبناء قبيلته ومن محبيه. مصلح بن عياد الحارثي, شاعر غني عن التعريف, له في القلطة محاورات ما زال صداها يتردد منذ عقود, وله في العرضة مكان يصعب أن يحل فيه أحد غيره, وله في النظم قصائد لا يجيدها غيره. يوم الجمعة الموافق 22-5-1436ه هو موعد تكريم الشاعر الكبير مصلح بن عياد من محبيه, وقبل تكريمه والاحتفاء بما قدمه واجهت الجزيرة الشاعر المحتفى به, وأخذت منه هذا الحوار السريع. *متى كانت بدايتك الشعرية ومع من؟ - بدايتي الحقيقية كانت عام 1400, وكانت مع مطلق الثبيتي وهلال السيالي ومحمد بن تويتم وحسن بن محيميد الحارثي وساعد بن مرعي الحارثي ومستور العصيمي, والأخير كان له فضل علينا كشعراء. *لمن الفضل بعد الله في بروز ابن عياد؟ - في مجال المحاورة الشاعر هو من يفرض نفسه, أما في مجال العرضة فأنا أدين بالفضل للشاعر ساعد بن مرعي الذي أعده أستاذي الأول في هذا المجال, ولكن هنالك قبائل كان لها الفضل الأكبر في بروزي, فقبائل الموسى من بني الحارث, وقبائل بني سعد من عتيبة لهم الفضل في مجال العرضة, وقبائل الشدادين والشلاوى لهم فضل علي في مجال المحاورات. *خضت جميع فنون الشعر - قلطة وعرضة ونظماً - فإلى أي فن يميل ابن عياد؟ - كلها في ميزان واحد, ولكن أحياناً أميل للعرضة أكثر من القلطة. *أربعة عقود من مجابهة الشعراء يتم تكريمك من أبناء قبيلتك ومن محبيك, ماذا يعني لك هذا التكريم؟ - يكفيني تقدير قبيلتي وقبائل شبه الجزيرة, وهذا هو التكريم الذي اعتز به في حياتي الشعرية, أما التكريم المعنوي فقد رفضته سابقاً, فما أديته كان واجباً عليَّ, ولكن إصرار قبيلة بني الحارث على تكريمي جعلني أقبل. *هل ستتوقف عن لعب المحاورة بعد تكريمك؟ - من قبل التكريم وأنا أحاول تقليص عدد الحفلات, وهنالك دعوات توجه لي وأرفض بعضها, وهذا يعود للتشبع من المحاورات, ناهيك عن هبوط بعض المحاورات, ورحيل عباقرة الشعر, ومع ذلك فأنا لا زلت مستمراً في الشعر, ولم أفكر في الانقطاع النهائي. *من هو خليفتك في الشعر من أبناء قبيلتك؟ - هذا الأمر يعود لأبناء قبيلة بني الحارث, أما من ناحيتي فالجميع شعراء وأكفاء, وجميعهم على عيني ورأسي. *من الشاعر الذي ترتاح له في ميدان المحاورة؟ - إن قلت إنه لم يسبق لي أن كرهت شاعراً لا في القلطة ولا في العرضة فأنا كذلك, وحتى الشعراء المبتدئين أحاول مساعدتهم لتخطي تلك المرحلة. *هل تأثر شعر المحاورة برحيل كبار الشعراء واعتزال بعضهم؟ - رحيل مطلق الثبيتي وصياف الحربي وفيصل الرياحي ورشيد الزلامي هز ساحة المحاورة وأثر عليها. *هل يحن ابن عياد لمحاورات الزمن الماضي؟ - كثير, فقديماً كان الشعر يغنى لأجل الشعر, وليس هنالك مكافآت ترغمك على لحن معين, وليس هنالك مكافآت ترغمك على اللعب مع أي شاعر, بل كان هنالك شعر حقيق ذو معنى وحبك وسبك افتقدناه في هذا الزمن الذي كثرت فيه المهاترات. *محاورة لا زالت عالقة في ذهنك؟ - لا يحضرني شيء الآن, ولكن تبقى محاوراتي مع مستور العصيمي وحبيب العازمي وفيصل الرياحي لها رونق خاص, وكانت عشرتي معهم طويلة جداً. *كلمة أخيرة؟ - أسأل الله التوفيق لي ولجميع المسلمين, كما أسأل الله أن يحفظ هذا البلد المعطاء بقيادته الرشيدة التي نجدد لها الولاء والسمع والطاعة. قالوا عن مصلح ابن عياد: مدارات اتجهت لبعض زملاء المحتفى به لمعرفة انطباعاتهم, فكانت البداية مع شاعر المحاورة الكبير سلطان الهاجري, والذي قال: كل كلمة طيبة يستحقها ابن عياد, اكتبوا على لساني ما تريدون, فالمحتفى به أكبر من أن نوفيه حقه. من جانبه, قال شاعر المحاورة الكبير محمد بن طمحي الذيابي: مصلح شاعر كبير, ومن أكبر شعراء المحاورة في الخليج, جمع بين حسن الخلق وأدب الشعر الذي أجاد جميع فنونه, ففي القلطة أجاد, وفي العرضة أجاد, وفي النظم أجاد. وأشار ابن طمحي بأن المحاورات التي جمعته مع ابن عياد كثيرة, وقال: جمعتني به محاورات كثيرة اتسمت بقوة الشعر وقوة المعنى. وقال الشاعر الكبير زيد العضيلة: مصلح ابن عياد من أفضل الزملاء شعراً ورجولة, وهو يستحق التكريم, وما قدمته قبيلة بني الحارث لشاعرها أمر جميل. وأضاف: «مصلح بن عياد مدرسة في الشعر والرجولة, وهو أستاذ شعر, وفي هذا المجال هو غني عن التعريف, وقد جمعتني به محاورات كثيرة اتسمت بقوة الشعر والمعنى».