تختلف وتتعدد المأكولات الشعبية في المملكة من منطقة إلى أخرى بسبب العادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة وموروثها الشعبي, الذي يميزها عن غيرها, وتختلف باختلاف المناخ وطبيعة الحياة ونوعية النباتات المزروعة في كل منطقة, مما جعل المطبخ السعودي غنياً بأشهى الأطباق. وتشتهر منطقة حائل بالعديد من المأكولات الشعبية الجميلة التي يُقبل عليها الأهالي, حيث يبرز على المائدة الحائلية خلال أيام الشتاء كثيرٌ من الأكلات الشعبية, ولا تخلو مناسبة حائلي من إحدى هذه الأكلات.. ففي فصل الشتاء تستعيد هذه الأكلات شيئاً من بريقها فتصبح الطبق الرئيس على موائد أهل حائل, وتصبح مطلوبة بكثرة وخصوصاً لدى كبار السن. ومن أشهى الأطباق التي يمكن أن تتناولها على الغداء أو العشاء «التمن» وهو نوع من أنواع الأرز مع اللحم والخضار خصوصاً القرع, بالإضافة إلى الجريشة والهريسة والمطازيز والمرقوق المكون من الخضار واللحم ورقائق عجين الدقيق البر, و»الكبيبا والمكونة من ورق العنب والأرز», كما يمكن تذوق عددٍ من الأصناف التي تشتهر بها المنطقة صباحاً على الفطور مثل الحنيني الذي يتكون من دقيق البر وأفخر أنواع التمور مع السمن البري والثريد والرغفان والمقشوش والعصيدة والقشدة. ويلجأ الكثير من الناس إلى تناول هذه المأكولات الشعبية في فترة الشتاء لأن الجسم يميل أكثر نحو الأطعمة الساخنة التي تمنحه دفئاً ونشاطاً وطاقة، ويتسم معظمها بفوائده الغذائية الكبيرة وسعراته الغذائية العالية, وتقوم بإعدادها غالباً ربات البيوت وبائعات المأكولات الشعبية بنكهة البهارات الحائلية وبعض المطاعم الشعبية وتعتمد مكوناتها على ما يتوافر في البيئة المحلية من مواد متنوعة. وتجتذب الأكلات الشعبية زوار المنطقة, حيث تنشط حركة البيع على المأكولات الشعبية بمختلف أنواعها في أوقات الإجازات والمناسبات وتوفر العديد من النساء البائعات الكثير من أنواع المأكولات تلبية لرغبة الأهالي والزوار وتتفاوت أسعار المأكولات الشعبية حسب الكمية. وامتهنت بعض النساء في المنطقة الطبخ وإعداد الولائم والمأكولات الشعبية بمختلف أشكالها من منازلهن ثم بيعها للراغبين, وأصبحت مشروعات استثمارية تدر دخلاً ثابتاً لعدد من ربات البيوت, ويأتي انتشار هذا النوع من الاستثمار بعد كثرة الطلبات والإقبال الكبير من الأفراد والأسر على هذه المأكولات وما تلقاه الأسر المنتجة من دعم وتشجيع من الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل وفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة ولجان التنمية الاجتماعية. ونوهت أم وسن, بمعارض الأسر المنتجة التي تقيمها لجان التنمية الاجتماعية بالمنطقة والمهرجانات التي تقام في المنطقة ومنها مهرجان الصحراء ورالي حائل, التي ساعدتها على تسويق منتجها بكل يسر وسهولة وأسهمت في إيجاد حراك اقتصادي كبير وحققت عوائد اقتصادية للأسر المنتجة, مفيدة أنها تقوم بعمل الأكلات الشعبية ومنها «المطازيز», التي تُعمل من عجينة دقيق البر السميكة وتعمل على هيئة أرغفة صغيرة وتُطبخ مع قطع اللحم والخضراوات, بينما تُحضّر «الثريد» من طحين البر المخبوز على ملة جمر الأرطى أو الغضى أو السمر أو في الأفران الحديثة أو على الصاج, ثم يُثرد في السمن البري والبصل المقطع, أما «القرصان» فيعمل من خبز رقيق يُصنع على الصاج ويُبلل بمرق اللحم والقرع ويُخلط بالبصل المقطع واللوبياء والبهارات الحائلية وتوضع فوقه قطع اللحم. وأكدت أم محمد, جودة البهارات الحائليه وأهميتها في المطبخ الحائلي وما تعطيه من نكهة وطعم محبب وجميل في الأكلات الشعبية ومنها خلطة الكمون والفلفل الأحمر المطحون «الصرار» والكركم ومخلط اللومي الأسود المطحون, وقالت: «بعد شراء البهارات أقوم بتنقيتها من الشوائب ثم أقوم بخلطها وطحنها بنسب معينة», مضيفة أن «المرقوق» يُعد من رقائق كبيرة ورقيقة من عجين دقيق البر تُطبخ مع قطع اللحم والخضراوات يضاف إليها البهارات, أما «المقشوش» فتُعمل من أرغفة صغيرة من عجينة طحين البر وتخبز على الفحم أو في الأفران وبعد أن تنضج يُضاف إليها السمن البري والعسل أو السكر, فيما تصنع «العصيدة» من طحين البر وتُعصد مع تمر الحلوة وعند التقديم يوضع عليها السمن البري والفلفل الأسود. من جانبها قالت أم حمد التي تشتهر بطبخ المأكولات الشعبية, أنها تقوم بتجهيز الأكلات الشعبية بمساعدة بناتها, مشيرة إلى أن أبرز الأكلات الشعبية التي تلاقي رواجاً كبيراً خلال فصل الشتاء ويفضّلها كبار السن هي المرقوق والمطازيز والهريس والحنيني, فيما يفضّل الشباب والنساء الكبيباء (ورق العنب), والتمن والقرصان والمقشوش والرغفان, مضيفة أنها تحضِّر الجريش من القمح الصلب المكسر المسمى اللقيمي المجروش المضاف لمرق اللحم مع البهارات الحائلية ويترك على نار هادئة ولمدة طويلة حتى يصبح مثل الهريسة ثم يضاف اللبن الرايب وبعد وضعه في الصحن يرش بقليل من السمن البري. وتفيد أم نواف أن جميع المأكولات الشعبية التي لديها يتم تجهيزها بنكهة البهارات الحائليه, مفيدة أن الكبيباء (ورق العنب) يُحضر بوضع قطع اللحم في القدر مع القليل من الخضار والبهارات ثم يتم وضع الكبيباء فوقها وتوضع على نار هادئة ويسكب عليها الماء بقدر معين حتى تنضج. بدوره أكد محمد الشمري, أهمية المحافظة على التراث والموروث الشعبي وحمايته, وغرس مفهوم الموروث الشعبي السعودي وثرائه وقيمته لدى الشباب, مبيناً أن الأكلات الشعبية في المملكة على درجة عالية من التميز والتفرد, وأصبحت طابعاً غذائياً للمجتمع مهما اختلفت شرائحهم الاجتماعية والاقتصادية. وقال: «إن من أهم الأطعمة التي يفضّل تناولها في فصل الشتاء التمن والمرقوق والجريش والهريس والمطازيز، وهي من أشهى الأطعمة التي يتناولها أهل حائل باستمرار في فصل الشتاء».