تحتل الخرج موقعاً متقدماً في صدارة المناطق التي اشتُهرت بتأييدها للأسرة السعودية، منذ الدولة الأولى، وحتى هذه الدولة (الثالثة) التي تظل الوطن منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيّب الله ثراه -، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -. ولقد أثرى هذا التأييد التاريخي من قِبل أهل الخرج للأسرة السعودية سجل هذه البقعة العريقة من أرض بلادنا، بقائمة من الأسماء لرجال أفذاذ، كان لهم حضورهم وأدوارهم في المشهد التاريخي، ولاسيما فيما يتعلق بمناصرة حكام الدولة السعودية، ومؤازرتهم، بالنفس والمال والرأي. ولأنّ المقام يضيق عن الوقوف أمام أدوار كل من هؤلاء الرجال الأوفياء ، فسنتوقف هنا أمام أحد هذه الشخصيات التي سطرت أسماءها بمداد من نور في صفحات تاريخنا الحديث، ألا وهو الشيخ والفارس والشاعر - بادي بن دبيان بن فالح السبيعي، من أهالي بلدة الضبيعة بالخرج. ينتمي الشيخ بادي بن دبيان إلى عجمان الرخم من قبيلة سبيع التي عهد عنها الشجاعة والكرم والولاء الصادق للأسرة الحاكمة في السراء والضراء، لذا كان لهذه الأسرة مكانتها العالية لدى الأسرة السعودية، إذ يعدونهم اليوم من المقربين لديهم. وولد في عام 1313ه لقد عرف الشيخ بادي بن دبيان بالتدين والصلاح وحب الخير، فضلاً عن الشجاعة والكرم، لذا قرّبه الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه -، فأصبح من مرافقيه في الغزوات (ومن سبوره)، وهي مهمة خطيرة لا يضطلع بها إلا الرجال الذين يتميزون بالشجاعة والمهارة في التخفي عن الأعداء وتحمل المشاق والصعاب، بل لم يتخلف الشيخ بادي عن معركة من المعارك التي خاضها الملك عبد العزيز. يقول عنه المؤرخ منديل بن محمد آل فهيد: «الأخ بادي بن دبيان السبيعي - من أهل الضبيعة - صاحب شجاعة وكرم وصدق في الحديث وهو من بقية جيل رافقوا الملك عبد العزيز - رحمه الله - في توحيد الجزيرة العربية. غزا بادي عدة غزوات مع الملك عبد العزيز وكان الملك أحيانًا يرسله مع الطليعة (السّبور)، وقد أملى عليّ ملخصًا بالغزوات التي حضرها مبتدئًا بأول غزوة غزاها شخصيًا مع الملك عبد العزيز - ربيع الثاني 1331ه. وبعد وفاة المؤسس - طيّب الله ثراه - انتقل شيخنا إلى مرافقة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن بن فيصل، فلازمه حتى وفاة الأخير - رحمه الله -، وفي عام في عام 1408ه انتقل شيخنا بادي بن دبيان إلى الرفيق الأعلى، مخلفاً من الأبناء: فارس، وفالح، وعلوش، ومعيض، وغنيم، ساروا جميعاً على نهج والدهم، رحم الله من توفي منهم. وعلى نهج الأقدمين من أسرة (آل دبيان)، سار أحفاد هذا الرجل، فنجدهم لا يقلون عن أجدادهم ولاءً وخدمة وتفانياً في خدمة الوطن وولاة أمره، وعلى سبيل المثال حفيده الأستاذ - علوش بن فارس بن بادي وكيل إمارة الرياض للشؤون الأمنية، الذي نستشعر التفاني والدأب والأمانة والإخلاص في تنفيذه توجيهات سمو أمير المنطقة، فمن يراقب أداء هذه الشخصية، لا يساوره شك في أنه أمام رجل غذته أسرته محبة الأسرة السعودية، فسار على خطى والده وجده في الوفاء لهم. وكذلك إخوانه وأبناء عمومته أحفاد الفارس الشيخ بادي بن دبيان، رحمه الله رحمة واسعة، وجعل مثواه الجنة، وجعل حب الوطن والوفاء لولاة الأمر الذي غرسه في نسله تعزيزاً للحمة بلاده الوطنية، في موازين صالحاته. ولفارسنا الشاعر بادي بن دبيان قصائد جميلة، يصور فيها الحال التي كانوا عليها، أيام المؤسس، ومشاركاته في بعض الغزوات فيقول في إحدى قصائده: يا طول ما رحنا على أكوار حيلي مع المضامي في ديار الأجانيب ياما حلا المرواح عقب المقيلي متلطمين وسوقنا بالعراقيب لا شرف السبار راس الطويلي وأومى لنا جنه سوات العياسيب تراثعن يشدن صيد جفيلي لا طمنوا لنحورهن بالمشاعيب وإليا ركبنا رافعات الشليلي قحص المهار مودبات تواديب كم واحدٍ عقناه ما له مثيلي خلي عشاء لا طاح للطير والذيب يوم الرخوم يشرفون النثيلي بين البيوت وعند بيض الرعابيب ويقول: عندي ركوب ملافخات المشاعيب أحب لي من ظلال القصوري يا طول ما رحنا على الفطر الشيب لي قابل النسوان كل معثوري قدامهم شرفت روس المراقيب وأنا ومثلي للنشاما سبوري متعرضين للضما واللواهيب وانا على الشطات دايم صبوري كم واحد كنا لموته تسابيب من ظربنا خلي عشا للطيوري وفي قصيدة أخرى يبين فيها منهجه في الحياة من جهاد وتطلع إلى معالي الأمور من فروسية وشجاعة، يقول - رحمه الله -: ماني بحباب لكثر القعادي في البيت دايم مثل خطوى هضيله ما همه إلا عيشته والرقادي يأكل ويشرب والمراجل قليلة أحب ما عندي ركوب الشدادي وشوف الركايب يتبعن الدليلة ولا ركوبٍ فوق قبا جوادي في ساعة عادات ربي جميلة مع خيل أبو تركي نحاز المعادي وعيوننا له لين يومي شليله حنا هل البيرق عمود الجهادي نبرى لبيرقنا وحنا قبيله وفي قصيدة أخرى يصف اعتزازه بالخصال الحميدة، وحرصه على مجانبة الخوض في دروب الإيذاء والانشغال باللمم من الأمور، وحرصه على تعويد نفسه السير تحت راية الجهاد وفي دروب السرايا والجيوش، حيث ينبغي أن يكون الرجال، يقول: يا رجلي اللي صار فيها رمية مدري مرض وإلا من الكبر جاني ما هيب تمشي في الدروب الردية ولا شكوا منها جميع الأداني يا ما مشت بي في دروب خليه لي قابل النسوان خطو الهداني مر مع الجمعة ومر سريه ومر مع البيرق وخيل الخواني وهذه قصيدة عابرة للأجيال، تفيض بالنصح والإرشاد، يهديها الفارس الشاعر لأجيال بلاده الشابة: تكفون لا تمشون مشي المهابيل وصية للي حضر والغيابي خلوا مماشيكم مماشي رجاجيل عضوا على شيماتكم بالنيابي سووا سواة أبوانكم يا مهاشيل بالطيب والشيمه وسهل الجنابي