السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اطلعت في صحيفة الجزيرة بالعدد 15436، وتاريخ 11/ 3/ 1436ه على عنوان كبير يقول (البراك: التعديلات تتماشى مع المتطلبات المتغيرة التي يشهدها تطور الوظيفة العامة.. وخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - يوافق على تعديل ست مواد من لائحة الإجازات). ولأن معالي وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن البراك قد اختتم تصريحه بهذه المناسبة بقوله: «إن هذه التعديلات التي أجريت جاءت تماشياً مع المتطلبات المتغيرة التي يشهدها تطور الوظيفة العامة، في ظل الدعم والرعاية الكريمة التي توليها القيادة الرشيدة للموظف ووظيفته، التي شهدت في هذا الوقت الزاهر الكثير من صور التطور بما يتماشى مع الأهداف الرئيسية في تحقيق خدمة مدنية متميزة» انتهى.. فإنه بعد هذه التعديلات الموفقة - إن شاء الله - كنت أتمنى أن أرى تعديلاً لإجازة الأمومة بالنسبة للمعلمات والموظفات الأخريات في قطاع الدولة كافة؛ إذ إن الأربعين يوماً لا تكفي بأي حال من الأحوال؛ فهذه المدة قصيرة جدًّا وإجحاف بحق الموظفة التي تحتاج إلى إجازة أطول، تكون على الأقل ثلاثة أشهر. وقد كانت الإجازة في السابق شهرين، وكانت الموظفات يطالبن بل ويؤملن زيادتها إلى هذه المدة، أو تزيد، إلا أنهن فوجئن بإنقاصها إلى أربعين يوماً. إن هذه المدة لا تكفي لإجازة الأمومة بأي حال من الأحوال نظراً إلى أن الموظفة خلال هذه المدة القصيرة لا تستطيع أن تؤدي عملها لصحتها أولاً، ثم لرعاية مولودها الصغير ذي الأربعين يوماً ثانياً، خاصة إذا ما عرفنا أن الطفل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حياته يحتاج إلى رعاية خاصة جدًّا بالإرضاع والمتابعة الدقيقة جدًّا، ولن يقوم بهذا إلا أمه مهما تعددت الحاضنات والعاملات.. وكلنا قد رأى بأم عينيه أن الحاضنات غير مؤهلات - للأسف - للقيام بهذا العمل فضلاً عن مشاكل العاملات المنزليات اللاتي يقوم بعضهن بإيذاء الأطفال، بل ربما يصل ذلك إلى قتلهم والعياذ بالله. فإذا كانت الحال كذلك فنحن مطالبون بتعديل إجازة الأمومة رحمة بالموظفة ومولودها؛ كي ترعاه وتربيه ولو لمدة قصيرة من حياته. وكم كنت أتمنى أن تكون الإجازة في حدود ستة أشهر، ثلاثة منها براتب كامل، والثلاثة الأخرى بنصف راتب لمن تريد ذلك، وهذا - بإذن الله - إنصاف جيد بحق الموظفة ومولودها. إننا إذا ما نظرنا إلى بعض الدول الأخرى، ولاسيما الغربية منها، التي لا تدين بالدين الإسلامي، نجد أن إجازة الأمومة لديها ستة أشهر أو تزيد، وتصل إلى سنة كاملة، فما بالنا نحن في بلاد المسلمين لا نعتني بذلك، مع ضرورة أن نكون القدوة في ذلك؟ إنه آن الأوان لنقوم عاجلاً بتعديل هذه الإجازة؛ لتكون مناسبة ومطابقة تماماً للوقت الذي يحتاج فيه المولود إلى عناية دقيقة جدًّا، وإلى أن تكون الأم قد اطمأنت على مولودها. وإنني أتساءل: كيف تؤدي للموظفة عملها خاصة إذا ما عرفت أن جنينها ليس أمامها، بل هو في المنزل؟ ولربما يكون وحيداً أو مع عاملة لا تقدر الدور المهم الذي يجب أن تقوم به؟ إن وزارة الخدمة المدنية مطالَبة بصفة عاجلة بأن تُقدّر هذا الموضوع جيداً من الناحية الإنسانية أولاً، ومن الناحية العملية ثانياً، وإذا لم تكن مقتنعة بهذا الرأي فلتعمل استبياناً وتوزعه على الموظفات وعلى غيرهن من العاملين المنصفين الرجال؛ حتى يكون هناك تماثل للإدلاء بهذا الرأي من عدمه. إنني حينما أطالب بهذا الموضوع، وألح به كثيراً، فإن ذلك ناتج من الإحساس الإنساني، ومن خلال الخبرة العملية التي أديتها أثناء عملي قبل التقاعد. وفي ختام هذه المقالة المتواضعة أملي كبير - بعد الله - بمعالي وزير الخدمة المدنية، أن يولي هذا الموضوع الإنساني جُل اهتمامه، وأن يأمر بدراسته عاجلاً للأسباب الإنسانية والعملية والتربوية. وفَّق الله الجميع لما يحب ويرضى.