كل من عليها فان بلا ريب... هكذا الدنيا نزول وارتحال... هي الدنيا لا مستقر فيها... كل شيء فيها زائل... إلا وجه الله سبحانه وتعالى. ودعنا منذ أيام رجلاً تعلق قلبه بالله وعمل لذلك، عمل في دروب الحياة مشرقاً ومغرباً إيماناً منه بحديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها). استوطن بلدته الصغيرة نعجان من نواحي محافظة الخرج، إنه الشيخ عبد الله بن علي اليوسف (أبو علي) الرجل العصامي الذي عمل على رفعة نفسه وأهله وأقاربه تخرج في مدرسة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (دلوني على السوق) فجاب بلاده من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. يحرص في أرض الله مستمتعاً بما يقوم به تعزيزاً لمكانته الاجتماعية لا ميل لجمع مال ولم يحرص على بروز أو شهرة بين أقرانه أو أهله وأحبابه، بل كان - رحمه الله - عاف اللسان كريم الخصال ينفق في الليل والناس نيام. كل من تعامل معه في شراكة يذكرون عنه مواقف لا يمكن أن تكون في رجل هدفه جمع المال، سماحة لا حدود لها تلهج الأفواه له بالدعاء وتذرف العيون بالدموع مدرارة لفراقه. تجمع في المسجد للصلاة عليه جموع من كل الطبقات وهؤلاء هم شهود الله في أرضه. بكى عليه العامل والمسؤول وذو المكانة والصديق والقريب والبعيد. كل من عرف هذا الرجل من قريب أو بعيد تأثر لفراقه هذا التأثر لا يأتي إلا لأسباب هو صانعها رحمه الله. نقش حبه في قلوب الكثير فحصد محبتهم الحقيقية عندما مشوا في جنازته. وفي الأثر لا يعرف مكانة الإنسان إلا في جنازته، هكذا عبر بها العارفون وذكرها الإمام أحمد (بيننا وبينهم يوم الجنائز)، شهد جنازته جموع غفيرة متأثرة لهذا المصاب الجلل الذي هز قلوبهم وتساءلوا مكذبين الخبر من فزع الصدمة ولكن الله غالب على أمره. فالحياة قصيرة مهما طالت ولا يبقى للإنسان فيها إلا ما قدم لنفسه من أعمال يدخرها عند لقاء مولاه عز وجل على أرضه تبقى بين الناس تطيل ذكره من أعمال خيرية تبقيه خالداً بين الناس. وإني لأحسبه والله حسيبه أن عبد الله اليوسف واحد من هؤلاء المخلدين لذكراهم بعطائهم في السر والعلن، فقد عمل بكل طاقته لتحقيق أهداف كثيرة أزعم أنه قد حقق أغلبها. اتصف بقلة الكلام كثير الابتسام كريم الخصال عملي وفيّ معطاء بلا منة ولا حساب. كلنا أمل في من خلفه أن يسيروا حذوه ويخلدوا ذكره بأعماله وصفاته والله في عونهم فقد أتعب من بعده. فله منا الدعاء ولأبنائه العون والتوفيق،،، ولا نقول إلا ما قاله حبيبنا صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا أبا علي لمحزونون وإنا لله وإنا إليه راجعون،،، - عبدالعزيز إبراهيم الشبانات