في مشهد مهيب وحضور كثيف وزحام شديد أغلقت فيه جميع المنافذ المؤدية إلى جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب شيع أهالي القصيم وبريدة الداعية الصادق المخلص -نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً- محمد بن صالح الحميد، الذي لطالما صدع بالحق وصرح بالخير في مساجدها وفي أحيائها ومجالسها.. كان نموذجاً فريداً في الجد والعمل والنشاط، سخر وقته وجهده للدعوة دعوة صادقة صافية بلا بريق ولا أضواء لا تدعمها كمرات ولا جماهير ومريدون، وإنما يقويها الصدق ويدعمها الإيمان ويفعلها العمل، دعوة بسيطة نصيحة تخرج من القلب لتسكن في قلوب السامعين، ولذلك أثمرت وأينعت وكان لها الأثر والقبول في قلوب الناس.. فيوم جنازته يوم مفرح ومبشر له بالخير، فالجنازة سارت على الرؤوس وتدفقت الحشود، فهنيئاً لك أيها الشيخ الجليل وغفر لك ورحمك وأسكنك فسيح جناته. (موعدكم يوم الجنائز) هذه المقولة ترجمتها مشاهد الحشود والجموع والزحام الشديد الذي تعطلت فيه حركة المرور في الشوارع المؤدية إلى جامع الشيخ (الونيان) فرحمك الله أيها الواعظ والرجل الصالح. (أكثروا ذكر هادم اللذات: الموت) هذا الحديث ردده الرجل الداعية مراراً وتكراراً في تذكيره ومجالسه ومواعظه وفي تواجده وحضوره وتشييعه للجنائز التي يصلي عليها في مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب، ومن مقولاته ومواعظه المؤثرة قوله: إننا اليوم دخلنا وخرجنا وغدا ندخل ولا نخرج فاللهم أغفر لهذا الداعية العامل وأسكنه الفردوس الأعلى. جهدك كبير وعملك كثير وأثرك ظاهر وملموس ومحبتك تملأ القلوب، بريدة وقصيمها اليوم تبكيك، ومساجدها تفقدك وقراها حزنت عليك، فوداعاً أيها الواعظ الصادق، فمهما كتبت ومهما سطرت، ومهما من العبارات نظمت لن أستطيع أن أصف مشاعري ومشاعرالحشود التي حزنت لفقدك ودمعت عيونها لرحيل مذكرها وواعظها، ف{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. (إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا شيخ لمحزونون).