في صبيحة الجمعة المباركة فاضت روحٌ نقيّة، ونفسٌ زكية. قبضها الرحمن بلا ميعاد، فاضت حيث فاض معها الحب والنقاء، والبذل والعطاء، والكرم والجود والسخاء. فاضت إلى بارئها الذي آمنت به، فعبَدته حق العبادة، حمَدته حق الحمد، وشكرته حق الشكر. بدر الشبيلي، هذا الاسم طالما تردد في أذهان الكثير، القريب والبعيد، الذكر والأنثى، الكبير والصغير، الفقير والغني. لم يُذكر بسوء قط، إنما ذكره طيب حسن مبارك. اعتاد الجميع على حضوره ووصاله وابتسامته ودماثة خلقه، أهله وأصدقاؤه وحتى العمالة والخادمات. بره بوالديه كان العلامة الفارقة في حياته، فكان لا يهنأ حتى يقبل يدي والدته، ولا يهدأ له بال حتى يلبي لوالده قبل أن يطلب منه. وخيره عم على إخوته فكان محباً ساعياً لأختيه وخادماً لأخويه، يا لجمال قلبه وحنانه كان مفتاحاً للخير باذلاً له، ساعياً في لم شمل العائلة وزيادة الصلة بينهم. فتحقق له المراد، وازداد في الدنيا خير الزاد. فكان زاده التقوى، لا نزكيه على الله فقد بلغ من التقوى والصلاح ما لم يبلغه من في عمره، ثلاث سنوات بعد العشرين لا أظنها كافية لزرع المحبة والألفة والود في قلوب الناس، لكن هذا الشهم البدر المضيء زرعها في قلب كل من واجهه بابتسامته الساحرة، وأخلاقه العالية، وخدماته الجليلة. عامل المزرعة ينهار باكياً بعد سماع خبر وفاته فلا يكاد يهدأ حتى ثبتوه، والخادمة التي رحلت إلى ديارها منذ زمن اتصلت تواسي! قل لي بربك من أوصل الخبر إلى هناك؟! ومن أدخل حبه إلى قلوبهم، إلا الذكر الحسن والسمعة الطيبة، فالسمعة الطيبة حياة خالدة لا تفنى بموت صاحبها. الكل يذكره بخير ويتصدق عنه والكل أيضاً يبكيه. لا عجب! فمن تعطر بأخلاقه لن يجف عطره ولو كان تحت الثرى. هذا حصاد ما زرعه في حياته من خلق رفيع وبر بالوالدين ومحافظة على الفرائض وحتى النوافل. فكفى بالموت لنا واعظاً، وكفى ببدر قدوة أيها الشاب. أخي بدر.. في القلب كلام لا تكفيه الصحف، ولا تستوعبه المجلدات. يكفينا من رحيلك رضا والديك، فطوبى لمن رضي عنه والداه، فقد رضي الله عنه. رحمك الله وجعل الجنة مستقرك ومقامك. وأرجوك يا من تقرأ مقالتي وخاطرتي، اجعل له نصيباً من دعواتك وصدقاتك. لا أقول إلا صابرًا محتسباً: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.