للمرأة دور كبير في العمل التطوعي، حيث إنها ومنذ البداية يقع على عاتقها تأسيس ونشأة أبنائها وتدريبهم على العمل التطوعي، ومساعدة الآخرين، حيث يبدأ هذا الأمر من البيت، واضرب مثالاً على ذلك بأن المرأة السعودية كانت تمارس هذا العمل دون أن تعي مفهومه في البداية! فهي عندما ترسل أبناءها بالطعام للجيران، أو لمساعدتهم إذا طلبوا ذلك، فهذا بحد ذاته عمل تطوعي، لذا من الطبيعي أن نجد المرأة متواجدة بقوة في العمل التطوعي. كانت وما زالت المرأة السعودية كبيرة في عطائها، فهي ما زالت تقدم الخدمات والأنشطة المجتمعية المختلفة، رغبة منها في المساهمة مع مؤسسات المجتمع المختلفة لخلق وعي، وتنمية مجتمع، عمل السعودية التطوعي يعبر عن حجم مسئوليتها واحتضانها لهم المجتمع وآلامه، لكن اليوم اختلفت صورة العمل التطوعي وازداد عبئه، ومع هذا الاختلاف كيف بدأت المرأة السعودية وإلى أين تسير؟ يعتبر العمل التطوعي ركيزة أساسية في البناء الاجتماعي، وهي حاجة ولدت مع الفطرة الإنسانية، فالعمل الخيري عام لا يعرف التفريق بين جنس الإنسان وعمره، وهو مفتوح ومتسع بتعدد أوجهه ومقاصده فهو لا ينطوي على فئة ولا يتلازم مع تخصص أو ثقافة من دون غيرها، لقد اتسعت مدارك العمل التطوعي وخرج من دائرة الفردية الضيقة إلى العمل المؤسساتي الرحب، لم تكن المرأة السعودية بعيدة عن ذلك الحقل بل ساهمت فيه بكل إخلاص وكان عطاؤها فيه بلا حدود، فالسعودية تطوعت للعمل التعليمي والاجتماعي منذ زمن بعيد لا يمكن تحديده في هذا الإطار التاريخي. الحديث عن عمل المرأة التطوعي في السعودية حديث ذو شجون، وليس بالأمر السهل على المرأة الوغول فيه بكل حرية ورسمه كيفما تريد، فهي مكبلة بمجتمع نمطي يرفض خروج أفراده عن إطارهم التقليدي فالمرأة للداخل والرجل للخارج وإن تبادل أي دور أو الإخلال به يعتبر نوعاً من المغامرة واحتمالية الوقوع في الخطر، فالمجتمع يقبل عمل المرأة التطوعي وفي بعض الأحيان يدفعها بقوة لكن أي أمر سوء يحدث لمنزلها، هي أول من يلام، وهي المتهمة والمقصرة الأولى، وهي في نظر المجتمع هي المسئولة، بل إن شعور المرأة نفسها بالتقصير يجعلها تعيش نوعاً من التأزم النفسي يدفعها لهجر العمل التطوعي، وفي أحسن الأحوال تحضر وتغيب، كذلك ثقافة العمل التطوعي لدى النساء بدأت تتراجع فالإحساس بالسلبية والتقاعس لديهن وانشغالهن بلقمة العيش جعلت العمل التطوعي محرقة وعملاً مضنياً لأنه اقتصر على عدد قليل من النساء في حين كثرت أعباؤه وقلَّ مردوده، فالمرأة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت أن تكون مسئولة عن تربية أبنائها وتعليمهم، وفي الوقت ذاته تساهم في معيشتهم، وأن تدفع بتنمية المجتمع من خلال العمل التطوعي، وفوق كل ذلك فهي لا تحصل على أي دعم، فالدولة لا تمنحها أي امتيازات يمكنها أن تسهم في التخفيف من أعبائها فلماذا لا تقدم الحكومة ميزة التقاعد المبكر للمرأة المشروط بالخدمة في مجالات العمل التطوعي لفترة زمنية محددة، إذ كانت تريد بالفعل أن تزيد من خلق فرصة لمساهمة حقيقية للمرأة في الإمساك بدفة إدارة المجتمع بكل حيوية وتغيير. لكن الحديث الذي لا يزال يدور في أروقة النساء اللاتي يحملهن الهم التطوعي هو أن الرجل كونه زوجاً أو أباً هو من يضيق على المرأة، هو حديث قديم لا جدوى منه، إذ لا ينبغي ربط تغيير مواقف الرجل بتغيير الأوضاع فيما يتعلق بمشاركة المرأة وقيادتها، إذ حث الرجال على تغيير مواقفهم إزاء المرأة لا يمكن إلا باعتماد منهجية الشراكة بين الرجل والمرأة، وهذا الأمر ربما يطول لكنه مقرون بمدى تجاوب المرأة وعملها الجاد نحو التميز بالجدارة. في اليوم العالمي للتطوع، المرأة المتطوعة غير الرسمية منسية فالمرأة العاملة في الصناديق الخيرية، في المآتم النسائية، في الجمعيات الإسلامية، في الأحياء الشعبية لم تجد الأيدي الممدودة لتكرمها، هي غائبة عن تلك التجمعات، فالعمل التطوعي حر لا يرسم على مقياس فقط رئيس وإدارة، فالنساء السعوديات المتطوعات كثر يستحقن التكريم فلا نجعل لمقص التحديد أن يجحفهن في يومهن الذي لا يأتي إلا بعد عام.