أصبحت العشائر العربية السنية غرب العراق وشماله في وضع حرج وصعب، فهي بين سندان الحكومة المركزية في بغداد ومطرقة التنظيمات الإرهابية على شاكلة داعش والقاعدة. في البدء استجابت العشائر العربية لطلب الحكومة العراقية إبان حكم نوري المالكي، وبمتابعة من القيادة الأمريكية المركزية للقوات المسلحة كونت مجاميع عسكرية من أبناء العشائر حملت اسم الصحوات، والذي لا يعرفه الكثيرون بأن تشكيل الصحوات سبقه شهور من الاتصالات والمفاوضات بين كبار الضباط الأمريكيين وشيوخ العشائر، وبعض المعلومات تذكر عامين استغرقتهما التفاهمات التي انتهت بتشكيل الصحوات التي كان أحد بنود الاتفاق أن تلحق بالقوات المسلحة العراقية، إلا أن الاتفاق لم ينفذ بعد نجاح الصحوات في طرد القاعدة من الانبار وديالى والموصل، أكثر من ذلك لم تصرف رواتب مقاتلي العشائر حتى الآن، ومع أن المليشيات الطائفية ضمت إلى الجيش والشرطة العراقية وبعضهم منح رتب عسكرية عليا، إلا أن أبناء العشائر العربية حرموا من خدمة بلادهم ولم يسمح لهم حتى بالتزود بالسلاح ليصبحوا أهدافاً للمتطرفين، فبعد عودة الإرهابيين عبر تنظيم داعش أصبحت عشيرة بونمر هدفاً لانتقام الإرهابيين وقتل منهم قرابة الألف شاب، ولم يدع لنجدتهم قوات الجيش العراقي ولا الشرطة الاتحادية، والآن يأتي الدور على عشيرة البوفهد، هذه العشيرة التي تقطن بين الرمادي وبغداد، وعند منطقة الحبانية، والتي تعد منطقة إستراتيجية مهمة، فهي بالإضافة إلى وجود قاعدة الحبانية العسكرية ومشروع الثرثار أيضاً تسيطر على الطريق الدولي الرابط بين بغداد وعمان العاصمة الأردنية، وهذه القبيلة كان ولا يزال لها دور هام في التصدي للإرهابيين، ومنهم من عمل في الشرطة العراقية، وقتل منهم كثيرون وهم يؤدون واجبهم، والآن يتعرضون لانتقام شرس من تنظيم داعش الإرهابي. أبناء عشيرة البوفهد يواجهون خطر الإبادة على أيدي إرهابيي داعش، خاصة وأن أبناء العشيرة يفتقدون للسلاح والدعم بعد أن تخلت الحكومة المركزية في بغداد عنهم، ورغم أن مقر القوة العسكرية المشتركة الحكومية لا يبعد سوى خمسة كيلو مترات إلا أن تلك القوة لم تستجب لنداءات الاستغاثة الصادرة من أبناء العشيرة. الآن عشيرة البوفهد تواجه نفس مصير عشيرة أبو نمر التي دفعت عدداً كبيراً من أبنائها ضحايا تلكؤ وتردد الحكومة المركزية العراقية في بغداد بسبب اعتراض عدد من أعضاء الحكومة العراقية ممن ينتمون للتحالف الوطني الشيعي الذي يتخوف من تسليح رجال العشائر العربية السنية رغم أنهم دعموا بحماس عناصر الحشد الشعبي والذي يتكونون من مليشيات ومنظمات طائفية أياديها ملطخة بدماء العراقيين. هذا الموقف الذي لا يزال تسيره الانتماءات الطائفية يخل كثيراً بالعملية السياسية، ويعرض العراق إلى أخطار أمنية جسيمة، كما يهدد عشائر العراق العربية السنية للإبادة من قبل الجماعات الإرهابية على شاكلة داعش والقاعدة، وأيضا يعرضها لخطورة ما يسمى بقوات الحشد الشعبي التي يغلب عليها الهوس الطائفي الذي يدفعها لارتكاب أعمال انتقامية ضد أهل السنة مثلما حصل في مدن محافظة صلاح الدين ومدن محافظة ديالى.