فيما ينشغل التحالف الدولي في التصدي لتنظيم داعش في العراقوسوريا، يواصل الحوثيون التمدُّد في اليمن لتصل (الجزمة الإيرانية) إلى مياه البحر الأحمر، ومع أنّ مليشيات الحوثيين لا تقل إجراماً على مليشيات داعش، وأنّ كلا التنظيمين يمارسان إرهاباً منظماً مدعوماً أيدلوجياً، إلاّ أنّ إرهاب داعش وحده الذي يستأثر باهتمام القوى الدولية والإقليمية، وهو عمل مطلوب ومحمود، ولكن أن يُترك إرهابٌ آخر يسرح ويمرح، فإنّ من شأن ذلك أن يفشل معركة التصدي لإرهاب داعش، ويؤسس لنمو إرهاب سيكون من الصعب التخلُّص منه في السنوات القادمة. إنّ نمو مليشيات الحوثيين، وتمدُّدهم بالاستيلاء على خمسة وثلاثين بالمئة من مساحة اليمن، بما فيها العاصمة صنعاء وميناء اليمن الرئيسي على البحر الأحمر (الحديدة)، الذي يمنح الحوثيين منفذاً على البحر الأحمر، لتلقِّي الأسلحة والمقاتلين والأموال التي يرسلها نظام ملالي إيران، يطرح عدّة تساؤلات عن سرِّ السكوت والتغاضي عن (انتصارات الحوثيين)، مما جعل حتى بعض المحللين السياسيين والاستراتيجيين، يطرحون تساؤلات حول إمكانية عقد صفقات مقايضة بين القوى الدولية والإقليمية المتورّطة في الأحداث التي تشهدها المنطقة، فهناك من يتساءل عن علاقة ما يجري من مواجهات في سورياوالعراق، وما يجري في اليمن، ويعتقدون أنّ إيران دخلت في صفقة مقايضة نفوذها في سورياوالعراق، مقابل تعزيز وجودها ونفوذها في اليمن، وأنّ إيران قبلت استبدال الوصول إلى مياه البحر الأحمر، بدلاً من مياه البحر الأبيض المتوسط، وأنها وعبر الحوثيين يمكنها السيطرة على باب المندب، حتى تقاسم الهيمنة على البحر الأحمر دوله المطلّة على مياهه، وبالذات مصر والسعودية حتى إسرائيل، والبحر الأحمر يمثل أهمية إستراتيجية كبرى، ليس لإيران والدول المطلّة على مياهه، بل لكل الدول الصناعية الكبرى، لأنه ممر إستراتيجي تمر من خلاله أكثر من 35 بالمئة من البضائع التجارية، وأكثر من ذلك البواخر وناقلات البترول، وإذ ما سُمح لإيران بالسيطرة على باب المندب، فإنها ستمسك بخناق الدول الصناعية والمصدّرة والمستوردة للبترول على حدٍّ سواء، ولهذا فبقدر ما يتحدث المحللون السياسيون عن صفقة مقايضة هي في صالح نظام ملالي إيران، وطبعاً في غير صالح الدول العربية وبالذات أبناء اليمن، فإنّ الدول ذات المصالح المباشرة، والتي تعمل وتحارب حتى أجل مرور آمن لبضائعها وبترولها، لم ولن تسمح للجزمة الإيرانية بالوصول إلى مياه البحر الأحمر.