ترجمة: بشرى الفاضل تتخذ الحرب ضد الإرهاب تعقيدات كثيرة، ففي الوقت الذي تُركِّز فيه أمريكا على الحرب ضد داعش ومجموعات متطرفة أخرى في العراق وسوريا، فإن بلدًا آخر يحظى بموقع إستراتيجي هو اليمن قد تم أكله وهو حي بواسطة مجموعة منتسبة بصورة لصيقة بإيران وحزب الله، فهذه المجموعة المعروفة باسم الحوثيين باتت حاليًّا تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء، ويحرس مقاتلوها كل المباني الحكومية، وتُعلِّق شعاراتها على الجدران وترفعها في اللافتات، حيث يمكن أن نقرأ فيها شعارات تقول: (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، وفي كل مكان في كل الشوارع تتدلى أعقاب بنادق الكلاشينكوف على أكتاف مقاتلي الحوثيين، وتتخوف الدول المجاورة لليمن من أن استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية سيضع أقدام حليفتهم الإيرانية في اليمن، ممّا يهدد الاستقرار في المنطقة. ويقول مراقبون آخرون في المنطقة: إن تقدم الزيديين في اليمن يُظهر تعقيدات إستراتيجية، ففي حالة تقدمهم إلى الجنوب الغربي، ربما يسيطرون مع حلفائهم الإيرانيين على باب المندب الممر البحري الضيّق بين خليج عدن والبحر الأحمر، حيث تمر غالبية السفن التجارية بين أوروبا وآسيا، وحيث تمر ناقلات 30% من نفط العالم يوميًّا عبر هذا المنفذ. يقول أحد الدبلوماسيين ممن ظلوا يتابعون الشؤون اليمنية خلال سنوات وفضّل عدم ذكر اسمه «إنه ليس لديه شك في أن الحوثيين بدعم من إيران يُخطِّطون للزحف جنوبًا على باب المندب. إنها فقط مسألة زمن». إذا سيطر الإيرانيون على هذا المضيق الإستراتيجي الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية فسيكون بوسعها فرض سيطرتها ووضع صورة تروق لها للسياسات التجارية والعسكرية ليس فقط في المنطقة، ولكن لما هو أبعد من ذلك. لكن حلفاء الإيرانيين لم يتحركوا للجنوب بعد، والقاعدة في اليمن لن تستسلم للحوثيين دون قتال، ممّا يعكس صورة للاضطرابات المقبلة. إن التسويات السياسية التي تمت في اليمن لا زالت هشة، وانحدار اليمن في قتال مسلح بين المتطرفين الحوثيين ومتطرفي القاعدة أمر محتمل، وقد حذّر جمال بن عمر المبعوث الخاص للأمين العام للأم المتحدة بصورة متكررة من أن الذين يحاولون سلب قدرات الدولة اليمنية يعملون بشكل جدي لإسقاط التحول اليمني الناعم نحو الديمقراطية. قال لي بن عمر بعد وقت قصير من عودته من إحدى زياراته العديدة لليمن والدول المجاورة لها «إن التطور الحالي في اليمن يُهدِّد بصورة جدية التحول الوحيد السلمي الذي تم التفاوض عليه في سياق الربيع العربي. وما يحدث في ذلك البلد تطور دراماتيكي مثير سيكون له تبعاته الخطيرة لليمن المعروف حاليًّا ولكل دول المنطقة». ربما يكون أحد أسباب عدم سماع صوت المبعوث الخاص للأمين العام في مجلس الأمن هو الشعور الذي يعم عواصم الدول الغربية بأن اليمن على الطريق الصحيح، بخلاف أركان أخرى في الدول العربية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تنشغل أمريكا والغرب بداعش والحرب الجوية على مقاتليها، لكن فرع القاعدة في اليمن قد وجد معركة أخرى يستقطب مقاتليه المتطرفين إليها، وبالصدام المرتقب بين هاتين المجموعتين الأكثر تطرفًا في اليمن، وبانشغال الغرب في جبهات أخرى، فإن أي أمل في جعل اليمن دولة فيدرالية نموذجية ورمزًا للتعايش في العالم العربي قد أصبح يخبو بصورة حادة. المزيد من الصور :