سأتكلم في مقالتي هذه عن المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ إذ تُعَد المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية اللبنة الأولى لإنشاء الجامعة، والركيزة الأساسية للتعليم الجامعي في العلوم الشرعية والعربية والاجتماعية، وقد صدر أمر المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - عام 1370ه بافتتاح معهد الرياض العلمي، وعهد بالإشراف عليه إلى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وذلك لسد حاجة البلاد من المؤهلين في العلوم الشرعية والعربية لتولي مهام القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد والاستشارات الشرعية. وبدأ المعهد يُعِد طلابه لهذه الأعمال حتى تخرج منه أجيال، تولوا مناصب عدة ومسؤوليات مهمة، ثم تتابع افتتاح المعاهد حتى بلغ عددها خلال العام الدراسي 1394ه ستة وثلاثين معهداً علمياً. وقد كانت المعاهد العلمية تدار باسم إدارة معهد الرياض العلمي وفروعه، ثم أُنشئت الإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية، وبعد سنوات تحولت إلى رئاسة عامة للكليات والمعاهد العلمية. وفي 23-8-1394ه صدر المرسوم الملكي رقم م-50 المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 1100 وتاريخ 17-8-1394ه بالموافقة على إنشاء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وإقرار نظامها الأساسي، واعتبارها مؤسسة مستقلة. وقد طلبت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من المقام السامي ربط المعاهد العلمية بمدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحقيقاً للأهداف التي روعيت عند الإعداد للجامعة ورسالتها السامية، فصدر قرار مجلس الوزراء رقم 12 وتاريخ 7-1-1397ه بربط المعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إدارياً وفنياً، ودمج ميزانيتها ضمن ميزانية الجامعة؛ الأمر الذي حقق للجامعة ميزة الانفراد بالسلم التعليمي الذي يمكنها من الإشراف على بناء الإنسان علمياً وتربوياً من خلال أطول مدة تعليمية في مراحل التعليم المتوسط والثانوي والجامعي والعالي. إن إنشاء الجامعة وربط المعاهد العلمية بها يُعَد دَفعة لهذه المعاهد؛ إذ خَصَّت الجامعة المعاهد العلمية بإدارة مستقلة عن التعليم الجامعي في الجامعة، تسمى إدارة المعاهد العلمية. وقد حولت هذه الإدارة إلى وكالة مساعدة للمعاهد العلمية. وفي عام 1406ه حُولت إلى وكالة للجامعة لشؤون المعاهد العلمية لتواكب في مسيرتها التطور الشامل لوحدات الجامعة، ولإعطاء المعاهد العلمية ما تستحقه من متابعة وتطوير، ولربطها بالنظم واللوائح المعمول بها في الجامعة، ولكي يتاح للمعاهد العلمية الاستفادة من خبرات أعضاء المجالس العلمية فيها. واستمراراً لدعم الدولة للمعاهد العلمية والمحافظة على استقرار العمل بها وعلى السياسة التعليمية للمعاهد العلمية، صدر الأمر السامي الكريم رقم 7175 - م ب وتاريخ 19 - 8 - 1428ه بإبقاء المعاهد العلمية مرتبطة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. أما الرسالة التي تقدمها المعاهد العلمية فهي: تقديم تعليم عالي الجودة لجميع طلاب المعاهد العلمية، بما يحقق لهم التميز العلمي والإبداع المعرفي، ويجعل منهم جيلاً صالحاً مستقيماً عقيدة ومنهجاً وفكراً وسلوكاً، وإكسابهم المهارات والقدرات الذاتية التي تمكنهم من تحمُّل المسؤولية في خدمة دينهم ووطنهم وولاة أمرهم، وتحقيق المشاركة في تنمية المجتمع وتطوره، وتمكينهم من التعامل مع معطيات العصر الحديث ومعارفه. أخيراً: تهدف المعاهد العلمية إلى تحقيق غايات وأهداف سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية الصادرة من اللجنة العليا لسياسة التعليم عام 1390ه المعتمدة بقرار مجلس الوزراء الموقر رقم (779) في 16-17-9-1389ه، وبخاصة ما يتعلق بالمرحلتين المتوسطة والثانوية، إضافة إلى ما نصت عليه سياسة التعليم من أهمية دور المعاهد العلمية وتميزها عن التعليم العام في الباب الخامس (الفصل الأول) الذي تضمن أحكاماً خاصة للمعاهد العلمية في فقراتها الآتية: «150- تواكب (المعاهد العلمية) النهضة التعليمية في البلاد، وتشارك التعليم العام في مواد الدراسة المناسبة، وتعنى عناية خاصة بالدراسات الإسلامية واللغة العربية. 151- يؤهل هذا النوع من التعليم الدارسين فيه للتخصصات في علوم الشريعة الإسلامية وفروع اللغة العربية، إلى جانب الدراسات في الكليات النظرية الملائمة. 152- يَرعى هذا التعليم أبناءه علمياً وتربوياً وتوجيهياً ومسلكياً لتحقيق أغراضه الأساسية في كفاية البلاد من المتخصصين في الشريعة الإسلامية وعلوم اللغة العربية والدعاة إلى الله». مع مراعاة الأهداف العامة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الجهة المشرفة على المعاهد العلمية، والعمل على تحقيقها. علماً بأن عدد المعاهد العلمية بالمملكة 65 معهداً ولله الحمد. أسأل الله تعالى أن يبارك بهذه الجهود وتلكم الأيادي. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.