تلقينا ببالغ الأسى والحزن خبر وفاة الشيخ الفاضل دخيل بن إبراهيم الحميضي (رحمه الله)، في يوم الخميس الموافق 9-11-1435ه، بعدما أخذته قبيل وفاته - عليه رحمة الله- وعكة صحية وهو خارج المملكة، وطلب الرجوع بعدها سريعاً تحسباً أن تكون سبباً في وفاته، حتى يكون بين أهله وذويه، ثم عاودته الحالة مرة أخرى وتوفي على إثرها في مدينة الرياض، نسأل الله له المغفرة والرحمة، وأن يجعل عوضه عن دنيا الفناء جنات النعيم. وقد صلّت عليه الجموع الغفيرة بعد صلاة الجمعة 10-11-1435ه في جامع الملك خالد بالرياض، ودفن في مقبرة أم الحمام، والتفت كل من يعرفه من الأقارب والأصدقاء والمعارف والجيران والمقيمين لتعزية بعضهم بعضاً في الفقيد الغالي، وتكرار الدعاء له، واجتمعت كلمتهم في المقبرة، وأثناء العزاء، بأن مثل أبي شاكر رجل فقيده، ونحن ها هنا نكرر العزاء والمواساة في فقيد الجميع لزوجه وأبنائه وبناته وأحفاده ونوصيهم وأنفسنا بالرضا والتسليم. وبطبيعة النفس البشرية أمام فقد مألوفها ومحبوباتها فقد كدرنا وغيرنا كأهله ومحبيه ألم الفراق والفقد لمثل هذا الرجل العلم المحبوب, إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا أبا شاكر لمحزونون. وإن مما يهون هذا المصاب أن هذه سنة الله في خلقه أجمعين، وإننا بحمد الله مسلمون ونعتزي بالإيمان بالله والرضا والاسترجاع، إنا لله وإنا إليه راجعون، ونحمد الله على نعمة الإسلام دين الرحمة والأمان والاستقرار النفسي في الدنيا والآخرة وسبب الفوز لدخول الجنة دار السلام ولقاء الأهل والأحبة من المسلمين والمؤمنين، اللهم اغفر لأبي شاكر وارحمه وارفع درجته في جنات النعيم. سندعو لك يا أبا شاكر كلما ذكرناك وسنتحدث عنك ببعض ما عهدناك، إن الفقيد الغالي شخصية كبيرة في سيرته واسمه ومكانته، عاش المرحوم أول حياته في بلدته القصب إحدى مدن إقليم الوشم شمال غرب العاصمة الرياض، وعمل كعامة أهل بلده -آنذاك- مدة بسيطة في الزراعة وفي سن الثالثة عشرة وفي حدود عام 1373ه توجه لمدينة الرياض وعمل في مجالات كثيرة منها: التجارة المتنوعة، وبرز في هذا المجال وتميزت أخلاقه وأعماله بالسيرة الحميدة، أما أخلاقه فقد كان الرجل المحبوب وقامة من الأدب واللطف والبشاشة والتواضع ونقاء السريرة، وأعرف عنه لطف التعامل مع الصغار، وقد كنت يوماً من الدهر واحداً منهم وأعرف عنه بر الوالدين واحترام الجميع وصلة الرحم بالسلام والهدايا والعطايا، فضلا عن الصدقات والحرص على حضور المناسبات الاجتماعية ما أمكن له ذلك. وقد فتح مجلسه وإخوانه باستراحتهم العامرة بشارع التخصصي في حي الصحافة شمال الرياض للجميع بشكل يومي، وكذلك منزلهم في مكةالمكرمة، خصوصا في أيام الشهر الفضيل ومن خلال مجالستي له لم أسمعه يذكر أحداً في غيبته إلا خيراً. كما أنه كان يتمتع بحس الممازحة للحاضرين معه وقد كان رحمه الله يحب الدعاة والمصلحين وأهل الخير ويكنّ الاحترام والتقدير لعلماء وولاة أمر هذه البلاد. وفي أعماله فقد شق طريقه بهدوء وعصامية من الجد في العمل وتدريب أبنائه والأسفار المستمرة المحلية والدولية والتعاقدات مع الشركات والوكالات العالمية واكتساب العديد من اللغات العالمية والسمعة التجارية الطيبة. إن أبا شاكر شخص مميز باسمه وخبرته في أسرته وأهل بلده، فلا يعرف أحد بكنية أبي شاكر في أسرته وبلده إلا شخصه ويعد من الوجاهات الاجتماعية والخيرة في القصب، وقد ترجم هذه الكنية بما وفقه الله إليه من أعمال جليلة من بناء المساجد وسقيا الماء وتفطير الصائمين وصدقاته لذوي القربى والمحتاجين ودعم حلق تحفيظ القرآن الكريم. وقد تم تكريمه وأبنائه عدة مرات في حفل نهاية أنشطة طلاب تحفيظ القرآن الكريم بالقصب وكرم في حفل تخريج طلاب الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بشقراء على شرف الشيخ محمد بن حمد العيسى. وقد تكفل رحمه الله ببناء وتأثيث صالة رحبة في القصب لتحفيظ القرآن الكريم، وأطلق عليها اسم والدته (رحمها الله)، وتم افتتاحها على شرف حرمه السيدة منيرة بنت عبدالعزيز الحميضي قبل أربعة أشهر، وهي صالة نورة بنت إبراهيم الغنام لتحفيظ القرآن الكريم. كما اختار بنفسه أحد وأهم المواقع بالقصب لإقامة أكبر مجمع لتحفيظ القرآن الكريم، يشتمل على مدرسة وصالة متعددة الأغراض ومسجد وشقق سكنية. نسأل الله أن يكتب أجره ويرفع ذكره، وأن يوفق أهله وأسرته من بعده لتحقيق وإتمام رغبة والدهم بإقامة هذا الصرح الكبير، وأن يكونوا من بعده خير خلف لخير سلف، وإن من خلف أمثالهم نحسبهم كذلك إن شاء الله فإن عمله وليد وعمره مديد. اللهم اغفر لأبي شاكر وارحمه وارفع درجته في المهديين، واجزه عنا وعن أهل بلده وكل من أحسن إليهم خير الجزاء وأكرمه. اللهم آمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.