اللغة المستخدمة ونوع الكلمات التي ينتقيها المعلم ونبرة صوته تدلل على نوع الاحترام والتعامل الراقي الذي يستخدمه مع تلاميذه، فيعكس بدوره أيضاً الكلمات ونبرة الصوت التي يستخدمها التلاميذ فيما بينهم، بل أسلوب العرض أيضاً! الاحترام شيء لا بد أن نعطيه مزيداً من العناية؛ ليتسنى لنا الحصول عليه، فدائماً نطالب التلاميذ بأن يُظهروا الاحترام في سلوكياتهم، ولكن هذا المطلب لا يجب أن يكون من طرف واحد يقدمه التلميذ لصاحب السلطة (المعلم)؛ فمبادئ الاحترام دقيقة؛ تحتاج إلى عناية فائقة، وحساسية مفرطة لشعور الآخرين، فالاحترام شعور يُبْنى في قرارة النفوس، يشعر به التلميذ من خلال مجموع تعبيرات الجسم المنطوق منها، والمشاهد فيها، فإذا خالف المنطوق المشاهد كان هناك اضطراب في فَهم الرسالة الموجهة؛ ما يؤدي إلى رفضها. يحتاج الأمر إلى حصافة ودقة ملاحظة ووقت لينظر المعلم في قسمات الوجوه، ويتمعن فيها ليستشف منها ما يحمله التلاميذ من شعور. هل يشعر التلاميذ بنشوة ومتعة أم بتعب وإرهاق أم بصعوبات تعلم؛ ما يجعل التفاعل مع كل تلميذ يتسم بالخصوصية التي تشعر بالحب والاحترام، وأن هناك من يفهمه. الاحترام لا يمنع معالجة السلوك المنحرف من جذوره، وبعدم التشهير والرصد لأخطاء التلاميذ ووضعهم في موضع النقد؛ ما يفقدهم احترامهم؛ وبالتالي يصبح مثل هذا التلميذ لا يبالي فيما بعد بالخطأ. ومثال ذلك: «انتزع أحد التلاميذ قلماً من زميل له؛ ما اضطر الآخر إلى الشكوى لدى المعلم، الذي بادر بدوره بالذهاب للطفل الآخر فقال له: أخبرني زميلك (س) بأنك قد أخذت قلمه، وأنا أود أن ترجع له قلمه، وأنا سأعطيك قلماً بديلاً». هنا لم يضع المعلم التلميذ موضع التهمة، بل ساعده على تلبية حاجته بأسلوب يتسم بالاحترام دون أن يحرج الآخر للدفاع! مشاركة المعلم التلاميذ في إبداء الرأي لحل المشكلات التي تقع، ومتابعة الحوار الذي يدور بين التلاميذ بأسلوب الملاحظة لكيفية الوصول للنتائج، وبتوجيه محدود، في ذلك احترام لاستقلالية الرأي وإعطاؤهم القدرة على التفكير والطلاقة في كل اتجاه.