في أي سوق مالية حول العالم، يكون الهدف الذي يسعى إليه أي مستثمر في الأسهم هو: إما تحقيق مكاسب رأسمالية أو تحقيق مكاسب من التوزيعات النقدية، حيث تكون المضاربات قصيرة الأجل هي الطريق لتحقيق المكاسب الرأسمالية بينما يكون الاستثمار طويل المدى هو الطريق لتحقيق مكاسب من التوزيعات النقدية لتعويض رأس المال مع عائد جيد، وما بين هذين الهدفين ينقسم جميع المستثمرين في جميع الأسواق المالية. لكن عندما ندقق جيداً، سنجد أن تحقيق مكاسب من التوزيعات النقدية هي الهدف الرئيسي والأسمى من الإستثمار في الأسهم بينما تحقيق مكاسب رأسمالية ليست هدفاً بحد ذاتها، و ما يؤكد ذلك أن المستثمرين في أسهم الملكية الخاصة (غير المدرجة في الأسواق المالية) يستهدفون تحقيق مكاسب من التوزيعات النقدية فقط. وفي نفس السياق، نجد أن المستثمرون في الصكوك و السندات (سواء كانت مدرجة أم غير مدرجة في أسواق مالية) يستهدفون أيضاً توزيعات الكوبونات حتى تاريخ الاستحقاق فقط بينما تكون المكاسب الرأسمالية هي دائماً الاستثناء وليست القاعدة بأي حال من الأحوال. الغريب أن هيئة السوق المالية السعودية تسعى جاهدة إلى تقنين المضاربات في السوق بهدف تشجيع المستثمرين على الاستثمار العقلاني طويل المدى، إلا أننا عندما نقرأ اللوائح المنظمة لإدراج الشركات فإننا سنجد أن شروط الإدراج لم تلزم الشركات بأي شروط تتعلق بالتوزيعات النقدية حتى تحافظ على إدراجها (كما هو حال بعض الأسواق المالية الأخرى) بل ركزت على شروط إدراج ضعيفة تتعلق بعدد المساهمين وقيمة الطرح و هي أمور إجرائية لا تقدم قيمة مضافة لنوعية الشركات المدرجة (من حيث الأرباح و التوزيعات) وتفتح المجال واسعاً لنمو المضاربات دون أي ضوابط أو سقوف عليا. فمثلا، كنت أتمنى لو تضمنت شروط الإدراج أن تلتزم الشركات بالتوزيعات النقدية لمساهميها كل 5 أو 10 سنوات كحد أدنى و أن لا تقل قيمة التوزيعات النقدية عن 5 أو 10 بالمئة من القيمة الاسمية لأن هذا هو الهدف الأساسي و الملموس من الإستثمار في الأسهم. أما تجاهل هذا الأمر و الذي يمثل عائداً استثمارياً حقيقياً لأي مستثمر فسيقودنا حتماً لأن نجد عدد كبير من أسهم الشركات المدرجة و التي لا يدري مساهموها متى سيحققون عائداً ملموساً لاستثمارهم فيها، بينما يلزمهم النظام و لوائحه (إن أرادوا عائداً استثمارياً) أن يتحولوا إلى مضاربين قصيري الأجل!!