لأرباح المستثمرين في أسواق الأسهم أو عائداتهم، خصوصاً المستثمرين في الأجل البعيد، ثلاثة مصادر: أولها الأرباح النقدية التي توزعها الشركات سنوياً على مساهميها، وثانيها الأسهم المجانية التي توزعها الشركات في خلال فترة زمنية معينة، وثالثها الأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع أسعار أسهم الشركات في الأسواق المالية أثناء فترة الاستثمار. وهكذا يستطيع أي مستثمر في الأسواق أن يحتسب في نهاية كل سنة العائد الاستثماري الذي حققه، أو حجم الخسائر التي تعرض لها من استثماره. وفي المقابل، يتمثّل عادة مصدر أرباح المضاربين في الأسواق المالية أو عائداتهم الأرباح الرأسمالية الناتجة عن الفارق ما بين سعري الشراء والبيع نتيجة لعدم احتفاظ المضاربين بالأسهم لفترة طويلة. وأدت التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية في أسواق المنطقة وأداء القطاعات الاقتصادية المختلفة، إلى تراجع قيمة ربحية معظم الشركات، وبالتالي قيمة توزيعاتها. وبرزت كذلك تأثيرات سلبية للأزمة المالية في سيولة الشركات وقدرتها على الحصول على تمويلات أو قروض من المصارف لتنفيذ مشاريعها أو توسعاتها أو تعزيز رأس مالها العامل. ولوحظ في خلال الأزمة تراجع في قيمة الأرباح الإجمالية للشركات وتراجع مواز في قيمة توزيعاتها، فأصبحت التوزيعات النقدية مؤشراً مهماً للمستثمرين على قوة الشركات وارتفاع ملاءتها المالية وتدفقاتها النقدية، خصوصاً حين كان مصدر التوزيعات هو الأرباح التشغيلية للشركات وليس أرباحاً استثنائية أو أرباحاً ناجمة عن إعادة تقويم. أما هذه السنة والسنة الماضية، فلوحظ عدم ترحيب من قبل المضاربين والمستثمرين بتوزيع الشركات لأسهم مجانية، على اعتبار أن هذه التوزيعات ستؤدي إلى زيادة عدد أسهم الشركات، وبالتالي زيادة المعروض من أسهمها، بما يدفع إلى تراجع الأسعار. وتتطلب زيادة رأس مال الشركات من خلال توزيعات الأسهم المجانية من هذه الشركات تحقيق نمو مماثل في قيمة أرباحها السنوية للمحافظة على متوسط ربحية أسهمها. وقرر معظم شركات العقارات في الإمارات، مثلاً، عدم توزيع أرباح نقدية على مساهميها هذه السنة والسنة الماضية، على رغم استحواذ أسهم هذه الشركات على حصة الأسد من التداولات. وأهم أسباب عدم التوزيع يعود إلى تراجع ربحية معظم هذه الشركات نتيجة لاستمرار تراجع أداء القطاع العقاري، إضافة إلى حاجة هذه الشركات إلى السيولة لإكمال مشاريعها وتعزيز رأس مالها العامل وتسديد بعض ديونها بعدما توقف معظم المصارف عن تقديم قروض إليها بعد انكشاف مصارف كثيرة بنسبة كبيرة على القطاع، إضافة إلى ارتفاع أخطار الاستثمار فيه. ويعتمد على التوزيعات النقدية السنوية عدد كبير من المستثمرين في الأجل البعيد في تغطية نفقات معيشتهم، على اعتبارها أحد المصادر الرئيسة لدخلهم. كذلك يلجأ بعض كبار المستثمرين إلى إعادة استثمار جزء من الأرباح النقدية السنوية الموزعة في شراء أسهم من السوق. وبرز خلال السنوات السابقة للأزمة المالية العالمية نشاط ملحوظ في السوق خلال فترة التوزيعات. ولا شك في أن التوزيعات النقدية هذه السنة والسنة الماضية عوضت بعض المستثمرين جزءاً من خسائرهم الرأسمالية الناتجة عن تراجع أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة. ونتيجة لاضطرار معظم المصارف في المنطقة إلى تخصيص أموال احتياطية كبيرة خلال السنتين الماضيتين لمواجهة تعثر بعض المدينين، تراجعت ربحية عدد كبير منها، ما كان له تأثير واضح في نسب الأرباح التي تُوزَّع على المساهمين. * مستشار في «بنك أبو ظبي الوطني»