كانت صحيفة الجزيرة كعادتها شاهدة على الحدث الذي تم في شهر جمادى الأولى من عام 1398 هجرية وفي ليلة شعرية نادرة وأمسية عن الأدب الشعبي أصبحت ممنوعة، فيما بعد عقدت جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز بالرياض ندوة الشعر الشعبي الثانية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض (في ذاك الوقت) حضرها عدد من أستاذة الجامعة وأصحاب السمو والأدباء، بدأت في التاسعة مساء وانتهت بعد منتصف الليل، طرزها الحديث عن التراث والموروث وأضاءها الشعر في شقيه النظم والرد وخلدها قبة الجامعة وكرمها سلمان بن عبدالعزيز بتشريفه. قبل حوالي أربعة عقود دعم ولا يزال الأمير سلمان - حفظه الله - الشعر وحفزه للوصول الى الأطر الأكاديمية وقبة الجامعة بل وهيأ له أن يكون موجوداً متباهى به يتحدث عنه أرباب العلم وأصحاب الرأي وصناع القرار وكان سموه حريصاً وملماً في شأن الموروث والشعر عامة وكأنه كان يرى ما تفعله اليونسكو حالياً من حفظ للأدب والتراث المادي والمعنوي لأي أمة كانت. والغريب العجيب أنه عندما كان سموه يولي الشعر جزءاً من الوقت والجهد والمتابعة كان حاضراً في شاشات التلفاز والإذاعه في أعلى أوقات الذروة مشاهدة، وكان حاضراً في مقرراته وفي محاوارته وفي منابره في مقررات الجامعة وأروقتها بل إن مدير جامعة الملك سعود ذاك الوقت الدكتور عبدالعزيز الفدا كان يقول في كلمته للندوة الثانية: «إن هذا اللون من التراث الشعبي هو الذي يستحق التسجيل وهو من أبرز الألوان الشعبية وأن الجامعه حرصت عليه لقربه من المجتمع». وكان الدكتور أحمد الضبيب عميد شئون المكتبات ورئيس لجنة الشعر ذلك الوقت قال أيضاً في كلمته: «إن التراث لكل أمة يمثل أساسها الصلب»، وأضاف «نحن تراثيون في لغتنا ومظهرنا وأخلاقنا»، مشيراً الى أن هذا الاجتماع يذكرنا بما فعل الأجداد. كل هذا الإطراء والتمجيد والرعاية بحضرة عميد الأدب الشعبي وراعيه سمو الأمير سلمان وتغطية الصحف المحلية بل إن تلك الليلة أحياها أكثر من 40 شاعراً. واليوم وبعد كل هذا التطور والرقي أصبحنا أكثر حاجة للعودة إلى الجذور والأصالة والتمسك بها والاهتمام بذلك وتبينه بشدة، فلا أرى نقصاً في أن يكون للشعر الشعبي والموروث بشكل عام حصة من حصص الجامعة، والعذر موجود مسبقاً لأن اليونسكو مثلا ترعى ذلك الجانب، ولأن أغلب دول الخليج المحيطة بنا تهتم بتراثها وتدعمه، والأهم من حصص الجامعة أن يكون لهذا الموروث بيت يضمه ويهتم به، فهل من مجيب؟!.